مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 401
مسند احمد
حدثنا أبو عامر، حدثنا يعقوب بن محمد بن طحلاء، حدثنا خالد بن أبي حيان، عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تولى غير مواليه، فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه»
نظَّم الشَّرْعُ أُمورَ النَّسَبِ والانتماءِ إلى النَّاسِ بطُرُقٍ واضحةٍ مَعروفةٍ ومُنضبطةٍ، والخُروجُ على هذه الطُّرُقِ يُفسِدُ الأنسابَ ويَخلِطُ بينَها، ويَترتَّبُ عليه مَفاسِدُ، وتُنْتَهَكُ به الحُرُماتُ
وفي هذا الحَديثِ شدَّدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على هذا الأمْرِ؛ فقال: "مَن تَوَلَّى غيرَ مَواليهِ" المَوالي: جَمْعُ المَوْلى، ويَرِدُ في اللُّغةِ ويُرادُ به المُعتِقُ، والسَّيِّدُ، والناصِرُ، والصاحِبُ، والحليفُ، وغيرُ ذلك، إلَّا أنَّه في هذا الحديثِ إنَّما يُريدُ به المُعتَقَ بفَتْحِ التاءِ، وذلك إذا نَسَبَ نَفْسَه إلى غَيرِ مُعتِقِه، وترَك وَلاءَ مَن أعْتَقَه، "فقد خَلَعَ رِبْقَةَ الإسلامِ من عُنُقِه"، أي: أهْمَلَ حُدودَ اللهِ، وأوامِرَه، ونَواهِيَه، وترَكها بالكليَّةِ، وأصْلُ الرِّبْقَةِ عُروَةٌ في حَبْلٍ تُجعَلُ في عُنُقِ الدَّابَّةِ تُمسَكُ به، فاستُعيرَ للإسلامِ، أي: ما يَشُدُّ به نَفْسَه من عُرَى الإسلامِ وأحْكامِه؛ وذلك لأنَّ مَن رَغِبَ عن مُوالاةِ مَن أنْعَمَ عليه بالحُرِّيَّةِ كافِرٌ بالنِّعمَةِ، ظالِمٌ بوَضْعِ الوَلاءِ في غَيرِ مَحِلِّه، ومَن كَفَرَ نِعمَةَ العِبادِ، فهو بكُفْرانِ نِعَمِ اللهِ أجدَرُ، ومَن أعْطى وَلاءَهُ لغيرِ مَوالِيه، الَّذين أعتَقُوه مِن الرِّقِّ، فقَدِ استحَقَّ تلك العُقوبةَ أيضًا؛ لأنَّ لُحمَةَ الولاءِ كلُحمَةِ النَّسَبِ؛ فلا يَحِلُّ تجاوُزُها