مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 488
مسند احمد
حدثنا حسن، أخبرنا ابن لهيعة، أخبرنا أبو الزبير، عن جابر، أنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيوم عاشوراء أن نصومه، وقال: «هو يوم كانت اليهود تصومه»
صِيامُ يَومِ عاشُوراءَ لهُ فضْلٌ عَظيمٌ، وقَد حَرَصَ السَّلَفُ على صَومِ هذا اليومِ اقتِداءً بالنَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، مَع مُخالَفةِ اليَهُودِ فِي طَريقةِ صِيامِهم
وفي هذا الحَديثِ يَحكي أبو مُوسى الأشعريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ اليهودَ كانتْ تُعظِّمُ يَومَ عاشوراءَ وتَتَّخِذُه عِيدًا لها، وهو يومُ العاشرِ مِن شَهرِ اللهِ المُحرَّمِ، فأمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المسلِمينَ بصِيامِه. وظاهرُ هذه الرِّوايةِ أنَّ الباعِثَ على الأمرِ بصَومِه مَحبَّةُ مُخالَفةِ اليهودِ، حتى يُصامَ ما يُفطِرون فيه؛ لأنَّ يومَ العِيدِ لا يُصامُ، وحديثُ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما الَّذي في الصَّحيحَينِ يدُلُّ على أنَّ الباعثَ على صِيامِه مُوافقتُهم على السَّببِ؛ وهو شُكرُ اللهِ تعالَى على نَجاةِ مُوسى عليه السَّلامُ، لكنْ لا يَلزَمُ مِن تَعظيمِهم له واعتقادِهم بأنَّه عِيدٌ، أنَّهم كانوا لا يَصومونَه؛ فلعلَّهم كان مِن جُملةِ تَعظيمِهم في شَرعِهم أنْ يَصومُوه، وقد وَرَدَ ذلك صَريحًا في رِوايةٍ أُخرى عندَ البُخاريِّ لحديثِ أبي مُوسى رَضيَ اللهُ عنه: «وإذا أُناسٌ مِن اليهودِ يُعظِّمون عاشوراءَ، ويَصوموَنه»، وفي رِوايةِ مُسلمٍ: «كان أهلُ خَيبَرَ يَصومون يومَ عاشوراءَ، يَتَّخِذونه عِيدًا»
وثَبَتَ في صَحيحِ مُسلِمٍ مِن حَديثِ ابنِ عبَّاسٍ: أنَّ السُّنَّةَ أنْ يَصومَ المُسلِمُ اليومَ التَّاسعَ معه؛ مُخالفةً لليهودِ، ورَوى مُسلِمٌ مِن حَديثِ أبي قَتادةَ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّ صِيامَه يُكفِّرُ ذُنوبَ السَّنَةَ التي قَبْلَه