مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 493
مسند احمد
حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبو الزبير، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قال ربنا عز وجل: الصيام جنة يستجن بها العبد من النار، وهو لي وأنا أجزي به "
لِلصِّيامِ فَضلٌ عَظيمٌ عِندَ اللهِ تَعالى؛ وذلك أنَّ فيه مُراقَبةً خاصَّةً مِنَ العَبدِ لِرَبِّه، وفيه تَجويعٌ لِلنَّفْسِ، ومَنعٌ لها مِنَ الشَّهَواتِ المُباحةِ؛ مِن أجْلِ اللهِ سُبحانَه
وفي هذا الحَديثِ القُدْسيِّ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن رَبِّ العِزَّةِ أنَّه يَقولُ: "الصِّيامُ جُنَّةٌ"، أيْ: وِقايةٌ وسِترٌ لِصاحِبِه، "يَستَجِنُّ بها العَبدُ مِنَ النارِ" يَحفَظُه ويَحميهِ مِنَ النارِ؛ لِأنَّه يَكسِرُ الشَّهوةَ، ويُضعِفُ القُوَّةَ، فيَمتَنِعُ به الصَّائِمُ عن مُواقَعةِ المَعاصي، فصارَ كأنَّه جُنَّةٌ وسِترٌ دُونَها، "وهو لي، وأنا أجْزي به" فالأصلُ أنَّ الطاعاتِ كُلَّها للهِ، وهو وَحدَه المُثيبُ عليها، وإنَّما خَصَّ الصَّومَ؛ لِمَا فيه مِنَ الإخلاصِ، ولا يَستَولي عليه الرِّياءُ والسُّمعةُ؛ لِأنَّه عَمَلُ سِرٍّ، ليس كسائِرِ الأعمالِ التي يَطَّلِعُ عليها الخَلقُ، فلا يُؤمَنُ معها الشِّركُ، والمُرادُ بمُجازاتِه تَعالى لِلصَّائِمِ: مُضاعَفةُ الجَزاءِ مِن غَيرِ عَدَدٍ ولا حِسابٍ