مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 521
مسند احمد
حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير وهو أبو أحمد الزبيري، قال: أخبرنا عبد الرحمن يعني ابن الغسيل، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن [ص:50] كان - أو إن يكن - في شيء من أدويتكم خير ففي شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لذعة بنار توافق داء، وما أحب أن أكتوي»
كلُّ أُمورِ الخَلقِ مُقدَّرةٌ بقَدَرِ اللهِ تعالَى، وقد يَسَّرَ اللهُ سُبحانَه لعِبادِهِ الأسبابَ التي تُوصِلُهم إلى جَلْبِ المنافِعِ والخَيراتِ، وإلى ما فيه دَفْعُ الشُّرورِ والمَضرَّاتِ، وقد أمَرَ سُبحانَه بالأخْذِ بأسبابِ التَّداوي والشِّفاءِ، وإنْ كان الشِّفاءُ بيَدِه سُبحانه، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَصِفُ بعضَ العِلاجاتِ لأصحابِهِ رضِيَ اللهُ عنهم ويَحُضُّ عليها، كما هذا الحديثِ؛ حيثُ يُخبِرُنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيقولُ: «إنْ كان في شَيءٍ مِن أَدويتِكم خَيرٌ، ففي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ»، والحِجامَةُ هي إخراجُ الدَّمِ الفاسِدِ مِن الجِسمِ، عن طريقِ تَشريطِ مَوضِعِ الوجَعِ، ثمَّ مَصِّ واستخراجِ هذا الدَّمِ بعْدَ تَجميعِه بواسِطةِ مِحجَمٍ، وهو أداةٌ تُشبِهُ القُمعَ أو الكَأسَ، وهي عِلاجٌ لكثيرٍ مِن الأوجاعِ، «أو شَرْبَةِ عَسَلٍ»؛ قال اللهُ تعالى: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: 69]، قيل: ليس المرادُ الشُّرْبَ على الخصوصِ، بل استعمالُه في الجُملةِ فيما يَصلُحُ استعمالُه فيه؛ فإنَّه يدخُلُ في المعجوناتِ المُسَهِّلةِ؛ ليحفَظَ على تلك الأدويةِ فِعْلَها، فيُسَهِّلَ الأخلاطَ التي في البَدَنِ، «أو لَذْعَةٍ»، أي: كَيٍّ «بِنَارٍ تُوافِقُ الدَّاءَ» وتُزِيلُه، والكَيُّ يكونُ باسْتِعمالِ النَّارِ في العِلاجِ مِنْ وَقْفِ نَزيفِ جُرحٍ وغيرِ ذلك، «وما أُحِبُّ أن أَكْتَوِيَ»؛ لِشِدَّةِ أَلَمِه وعِظَمِ خَطَرِه، ولِمَا في الكيِّ من تَعجيلِ الألمِ الشَّديدِ في دفْعِ ألمٍ قدْ يكونُ أضعفَ وأخفَّ مِن آلامِه