مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 648

مستند احمد

مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 648

حدثنا عمار بن محمد، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مثل هذه الصلوات الخمس كمثل نهر جار على باب أحدكم، يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، فما يبقي ذلك من الدنس»

كان مِن عادَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَقريبُ العِلْمِ للنَّاسِ بِضَرْبِ الأمثالِ

 وفي هذا الحديثِ يَضْرِبُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَثَلًا لِمَحْوِ الخَطايَا بالصَّلواتِ الخَمْسِ الَّتي تُطهِّرُ الإنسانَ منها؛ حيثُ يَحكي أبو سعيدٍ الخُدريُّ رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّه سمِعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: الصَّلواتُ الخمْسُ كفَّارةٌ لِمَا بيْنها"، أي: يَمْحو اللهُ بها الذُّنوبَ والمعاصِيَ الَّتي تقَعُ فيما بيْن أوقاتِها، والمُرادُ: أنَّها تُكَفِّرُ الصَّغائِرَ مُطْلقًا إذا لم يُصِرَّ الإنسانُ عليها؛ فإنَّها بالإصرارِ عليها تَصيرُ مِنَ الكبائِرِ ولا بُدَّ معها مِن التَّوبةِ، "ثمَّ قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أرأيْتَ لو أنَّ رجلًا كان يَعتمِلُ"، أي: يَشتغِلُ بعمَلٍ، "وكان بيْن مَنزلِه وبيْن مُعتمَلِه"، أي: يُوجَدُ في المسافةِ بيْن بَيتِه ومكانِ عمَلِه، "خمْسةُ أنهارٍ؛ فإذا أتى مُعتمَلَه عمِلَ فيه ما شاء اللهُ، فأصابَهُ الوسَخَ أو العرَقُ، فكلَّما مرَّ بنَهَرٍ اغتسَلَ، ما كان ذلك يُبْقي مِن دَرَنِه؟ فكذلك الصَّلاةُ كلَّما عمِلَ خطيئةً، فدَعا واستغفَرَ، غُفِرَ له ما كان قبْلَها"، فمَثَّلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الصَّلواتِ الخمْسَ بنَهَرٍ يَغتَسِلُ فيه المُصلِّي كلَّ يومٍ خمْسَ مَرَّاتٍ، فكما أنَّ دَرَنَه ووَسَخَه يَذهَبُ حتَّى لا يَبْقى مِن ذلك شَيءٌ، فكذلك أيضًا الصَّلواتُ الخمْسُ في كلِّ يومٍ؛ تَمْحو الذُّنوبَ والخَطايَا حتَّى لا يَبْقى منها شَيءٌ، ووَجْهُ التَّمثيلِ: أنَّ المرْءَ كما يتدَنَّسُ بالأقذارِ المحسوسَةِ في بَدَنِه وثِيابِه، ويُطَهِّرُه الماءُ الكثيرُ، فكذلك الصَّلواتُ تُطَهِّرُ العبْدَ مِن أقْذارِ الذُّنوبِ، حتَّى لا تُبقِي له ذنْبًا إلَّا أسقَطَتْه وكَفَّرَتْه ما اجتُنِبَتِ الكبائِرُ
وفي الحديثِ: بَيانُ أَثرِ الصَّلاةِ في غُفرانِ الذُّنوبِ وتَطهيرِ نُفوسِ المؤمنينَ
وفيه: الحَثُّ على أداءِ الصَّلواتِ تامَّةً في أوقاتِها