مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 657

مستند احمد

مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 657

حدثنا عبيدة، حدثنا الأسود بن قيس، عن نبيح العنزي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، حدث، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أراد الغزو، فقال: «يا معشر المهاجرين والأنصار، إن من إخوانكم قوما ليس لهم مال، ولا عشيرة، فليضم أحدكم إليه الرجلين، أو الثلاثة، فما لأحدنا من ظهر جمله إلا عقبة كعقبة أحدهم» ، قال: فضممت اثنين، أو ثلاثة إلي، وما لي إلا عقبة كعقبة أحدهم من جملي

التَّرابُطُ والتَّكاتُفُ والمشاركةُ مِن أَعْظمِ الصِّفاتِ الَّتي بثَّها الإسلامُ في نُفوسِ المُسلمين؛ حيثُ مَدَحَ اللهُ هذه الصِّفاتِ في كتابِه الكريمِ، وأكَّدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حديثِه الشَّريفِ على ذلك
وفي هذا الحَديثِ يقولُ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهُما: "إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَراد أنْ يَغْزوَ"، أي: أراد أنْ يَخْرُجَ إلى الغزوِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "يا مَعْشَرَ المهاجِرينَ والأنصارِ"، أي: يا جماعةَ المُهاجِرينَ ويا جماعةَ الأنصارِ، "إنَّ مِنْ إخوانِكُمْ"، أي: مِنْ إخوانِكُم المُسلمينَ، "قومًا ليس لهم مالٌ"، أي: قومًا فقراءَ لا مالَ لَهُم، "ولا عَشِيرةَ"، أي: ولا قبيلةَ ولا جماعةَ، "فليَضُمَّ أَحَدُكُم إليه الرَّجُلينِ أو الثَّلاثةَ"، أي: فليَجْمَعْ ولْيَتَشارَكِ الرَّجُلُ على دابَّتِه مع رَجُلينِ أو ثلاثةٍ، "فما لأَحَدِنا"، أي: فليس لأَحَدٍ مِنَّا، "مِنْ ظَهْرٍ يَحْمِلُه"، أي: مِنْ دابَّةٍ يَرْكَبُها، "إلَّا عُقْبةً كعُقْبَةِ- يَعْني- أَحَدِهم"، أي: أصحابِ الدَّوابِّ، والعُقْبَةُ مِنَ التَّعاقُبِ، والمقصودُ أنَّهُ كان نَصيبُ أَحَدِهم في الرُّكوبِ كنَصيبِ المُشارِكينَ مَعَهُ على الدَّابَّةِ، فلَمْ يَكُنْ له مِنْ جَمَلِه إلَّا نَوبةٌ كأَحَدِهِم، قال جابرٌ: "فضَمَمتُ إليَّ اثنَينَ أو ثلاثةً"، أي: فشارَكتُ معي رَجُلينِ أو ثلاثةً على دابَّتي، "ما لي إلَّا عُقْبَةٌ كعُقْبَةِ أَحَدِهِم مِن جَمَلي"، أي: ليس لي نَصيبٌ على جَمَلي إلَّا كنَصيبِ أَحَدِ المُشاركينَ معي على دابَّتي؛ بحيثُ نَتعاقَبُ في الرُّكوبِ كلُّ رَجُلٍ يَرْكَبُ مرَّةً
وفي الحَديثِ: الحثُّ على التَّعاونِ والمُشارَكةِ في الخيرِ والبِرِّ
وفيه: بيانُ ما كان عليه الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم مِن الإيثارِ، ومِن الاستجابةِ إلى أمْرِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم