مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 66

مسند احمد

مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 66

حدثنا محمد بن جعفر، وحجاج، قالا: حدثنا شعبة، عن محمد بن المنكدر، قال: سمعت جابر بن عبد الله، قال: استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «من ذا؟» فقلت: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا، أنا» ، قال محمد: كأنه كره قوله: أنا

لقدْ حَرَصتْ شَريعةُ الإسلامِ على رِعايةِ حُرمةِ البُيوتِ، وحفْظِ العَوْراتِ، ومنَعَتْ مِن الاطِّلاعِ عليها؛ لِيَكونَ المُجتمَعُ طاهِرًا عَفيفًا؛ ومِن أجْلِ ذلك شُرِعَت أحكامُ الاستئذانِ
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ الأنصاريُّ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه ذهَبَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في دَيْنٍ كان علَى أبيه، وكان قد استُشهِدَ في غزوةِ أُحُدٍ، فلمَّا وصل جابِرٌ إلى بيتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دَقَّ البابَ، والدَّقُّ على البابِ: نَوعٌ مِنَ الاستِئذانِ، إذا كان على المَنزِلِ أو بابِ حُجرةٍ، وإلَّا فإنه يُسَلِّمَ على أهلِ الدَّارِ بقَولِه: «السَّلامُ عليكم» بصَوتٍ يَظُنُّ أنَّ مَن بداخِلِ الدَّارِ يَسمَعُه، ولَمَّا سَمِعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الطَّرْقَ، سَألَ: مَنِ الذي علَى البابِ؟ فقال جابِرٌ رَضيَ اللهُ عنه: «أنا»، دونَ ذِكرِ اسمِه؛ لأنَّه خَلْفَ البابِ ولا يُرى، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أنا أنا!»، كأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَرِه مِن جَابِرٍ رضِيَ اللهُ عنه عِندَما سَأَله: «مَن ذا؟» أنْ يكون جَوابُه: «أنا»؛ لأنَّ السَّائِلَ وصاحِبَ المكانِ يُرِيد مَعرفةَ المسؤولِ الآتي من الخارجِ، وقوْلَ: «أنا» لا يُعرِّفُ بالمسؤولِ، والذي يَنبغي أنْ يقولَه: فُلانٌ، أو أنا فلانٌ، كأنْ يقول مثلًا: جابرٌ، أو أنا جابرٌ
ومِن جُملةِ آدابِ الاستِئذانِ أيضًا: أنَّه يَنبَغي للمُستأذِنِ ألَّا يَدُقَّ البابَ بعُنفٍ، وأنْ يَقِفَ المُستأذِنُ عن يَمينِ البابِ أو شِمالِه، وألَّا يَقِفَ في قُبالَتِه بوَجهِه؛ حتى لا يَجرَحَ بنَظَرِه مَن بالدَّاخلِ؛ لأنَّه ربَّما يَحصُلُ بعضُ الانكشافِ عندَ فتْحِ البابِ