مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 781
مسند احمد
حدثنا أبو سعيد، حدثنا ليث، حدثنا أبو الزبير، عن جابر، قال: «اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدا بعبدين»
المُبايَعةُ هي المعاقَدةُ والمعاهَدةُ، وسُمِّيت بذلك تَشبيهًا بالمُعاوَضةِ الماليَّةِ، كأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَبيعُ ما عندَه مِن صاحبِه؛ فمِن طرَفِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وَعْدٌ بالثَّوابِ، ومِن طَرَفِ المبايِعينَ له: الْتزامُ الطَّاعةِ
وفي هذا الحديثِ يَرْوي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه جاءَ عبدٌ مملوكٌ، فَبايعَ وعَاهَدَ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الهِجرةِ، وذلك أنَّ مِن شُروطِ المبايَعةِ آنذاكَ الهِجرةَ إلى المدينةِ، ولم يَدْرِ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه عَبْدٌ مَملوكٌ، والمبايَعةُ على الهجرةِ تَتعارَضُ مع عُبوديَّتِه، ولو عَلِم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه عبدٌ ما بايَعَه إلَّا بإذنِ سَيِّدِه، فجاءَ سَيِّدُه يَطلُبُه ليَرجِعَ معه إلى بَلدِه، فطَلَبَ منه النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَبيعَه هذا العبدَ، فَاشتراهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِعبدَيْنِ أَسْوديْنِ، ثُمَّ إنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَشرَعْ بالمبايَعةِ مع أحدٍ بعْدَ هذا العبدِ، حتَّى يَسألَ: «أعبدٌ هو؟» أي: أَهَذا الرَّجُلُ عبدٌ أو حُرٌّ؟ وذلك حِفظًا لحُقوقِ مالكِه إنْ كان المبايِعُ عبْدًا
وفي الحديثِ: ما كان عليه النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن مَكارمِ الأخلاقِ والإحسانِ العامِّ؛ فَإنَّه كَرِهَ أنْ يَردَّ العبدَ خائبًا مِمَّا قَصدَ مِنَ الهِجرةِ ومُلازَمَةِ الصُّحبَةِ
وفيه: أخْذُ البيعةِ مِنَ الحُرِّ لا مِنَ العبدِ؛ لأنَّه مملوكٌ لِسيِّدهِ، فلا يَملِكُ التَّصرُّفَ بِنفْسِه