مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 782
مسند احمد
حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا عبد العزيز يعني ابن أبي سلمة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة» ، قال: " وسمعت خشفا أمامي، فقلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا بلال، قال: ورأيت قصرا أبيض بفنائه جارية، قال: قلت لمن هذا القصر؟ قال لعمر بن الخطاب: فأردت أن أدخل فأنظر إليه " قال: «فذكرت غيرتك» فقال عمر: بأبي أنت وأمي يا رسول الله أوعليك أغار؟
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصِفُ الجنَّةَ وما فيها مِن النَّعيمِ، وكان يُبشِّرُ بها بَعضَ أصحابِه؛ بَيانًا لكَرامتِهم، وحثًّا لغَيرِهم على الاجتهادِ في الطَّاعاتِ حتَّى يَنالوا الجنَّةَ
وفي هذا الحديثِ يُخْبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصْحابَه أنَّه بيْنَما هو نائِمٌ رَأى نَفْسَه في الجَنَّةِ - ورُؤيا الأنبياءِ حقٌّ ووحْيٌ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ- ورَأى امْرَأةً تَتَوضَّأُ إلى جانِبِ قَصْرٍ وُضوءًا شَرعيًّا، ولا يَلزَمُ أنْ يكونَ على جِهةِ التَّكليفِ، أو المُرادُ الوُضوءُ اللُّغويُّ -وهو الطَّهارةُ والتَّنظُّفُ- لِتَزدادَ وَضاءةً وحُسْنًا، فسَأَلَ: لِمَن هذا القَصرُ؟ فأَجابَتْه الملائكةُ أنَّه لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه، وفي رِوايةٍ في البُخاريِّ مِن حَديثِ جابرٍ رَضيَ اللهُ عنه: «فأردْتُ أنْ أدْخُلَه فأنْظُرَ إليه»؛ ليَرى ما فيهِ ويَصِفَه لعُمَرَ، ثمَّ تَذكَّرَ أنَّ في دُخولِه إيَّاه قدْ يَرى الحُورَ على تَبذُّلِهنَّ في مَساكنِهنَّ، فتَذَكَّرَ غَيرةَ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنه، فَوَلَّى مُدبِرًا ورجَعَ عن دُخولِ القصْرِ إكرامًا منه لعُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه، فلمَّا سَمِع عمَرُ رَضيَ اللهُ عنه ذلك بَكى شُكرًا للهِ عزَّ وجلَّ على ما أَولاه مِن نِعَمِه، وتَأدُّبًا مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أو تَشَوُّقًا إلى الوعْدِ والبُشرى بالجنَّةِ، وقالَ: «أعَلَيكَ أغارُ يا رَسولَ الله!»، أي: لا تَصدُرُ الغَيرةُ منِّي تُجاهَكَ يا رسولَ اللهِ؛ لأنَّه لا يَجِبُ أنْ يُظَنَّ به شَيءٌ مِن السُّوءِ، خاصةً وأنَّ عمَرَ رَضيَ اللهُ عنه لم يَنَلْ هذا القدْرَ ويَرتفِعَ تلك الدَّرَجةَ إلَّا بسَببِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعلى يَدَيْه
وفي الحَديثِ: فَضلُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهُ
وَفيه: أنَّ الجنَّةَ مَخلوقةٌ، وأنَّ جَواريَها خُلِقْنَ، فهنَّ يَتقلَّبْنَ في النَّعيمِ انتظارًا لقُدومِ المؤمنينَ عليهنَّ