مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 82
مسند احمد
حدثنا وكيع، عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن جابر، أن معاذا صلى بأصحابه، فقرأ البقرة في الفجر - وقال عبد الرحمن يعني ابن مهدي: المغرب - فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «[ص:114] أفتانا، أفتانا»
الصَّلاةُ فريضةٌ عَظيمةٌ ورُكنٌ مِن أركانِ الدِّينِ، بَيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صِفتَها وأحكامَها، وعَلَّمها للصَّحابةِ وقال: صَلُّوا كما رَأيتُموني أُصَلِّي
ومِنَ الأحكامِ المُتَعَلِّقةِ بالصَّلاةِ القِراءةُ فيها، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُطيلُ فيها أحيانًا ويُقَصِّرُ أحيانًا؛ فقد جاءَ أنَّه قَرَأ في المَغرِبِ بالأعرافِ، وجاءَ عن أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّه قَرَأ بسورةِ البَقَرةِ، وهيَ أطولُ سُوَرِ القُرآنِ في صَلاةِ الفَجرِ، حَتَّى خاف الصَّحابةُ خُروجَ الوَقتِ؛ فعن أنَسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: صَلَّيتُ خَلفَ أبي بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه صَلاةَ الفجرِ، فاستَفتَحَ البَقَرةَ، أي: بَدَأ يَقرَأُ مِن بدايَتِها، فقَرَأها في رَكعَتَينِ، أي كامِلةً، فقال عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه لأبي بَكرٍ حينَ فرَغَ، أي: حينَ انتَهى مِنَ الصَّلاةِ: يَغفِرُ اللَّهُ لَك، لَقد كادَتِ الشَّمسُ أن تَطلُعَ قَبلَ أن تُسَلِّمَ! أي: أطَلتَ بنا إطالةً طَويلةً حَتَّى قارَبَتِ الشَّمسُ على الطُّلوعِ، ويَخرُجُ بذلك وقتُ الصَّلاةِ. فقال أبو بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: لَو طَلَعَت، أي: الشَّمسُ، لَألْفَتْنا، أي: وجَدْتَنا، غَيرَ غافِلينَ! أي: غَيرَ ساهينَ ولا مُضَيِّعينَ للصَّلاةِ عن وقتِها
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ الإطالةِ في صَلاةِ الفَجرِ
وفيه مَشروعيَّةُ قِراءةِ سُورةِ البَقَرةِ في صَلاةِ الفَجرِ
وفيه أدَبُ الصَّحابةِ مَعَ بَعضِهم
وفيه مَكانةُ أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ عِندَ الصَّحابةِ
وفيه أنَّ مَن أرادَ أن يَنصَحَ أو يُعاتِبَ شَخصًا أن يَبدَأَ بالدُّعاءِ له
وفيه أنَّ مَن أطالَ الصَّلاةَ حَتَّى خَرَجَ الوقتُ فليس في ذلك تَفريطٌ ولا يُعتَبَرُ مُضَيِّعًا للصَّلاةِ