مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 831
مسند احمد
حدثنا يزيد، أخبرنا حجاج يعني ابن أبي زينب، قال [ص:295]: سمعت طلحة بن نافع أبا سفيان، يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: كنت في ظل داري، فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأيته وثبت إليه، فجعلت أمشي خلفه، فقال: «ادن» فدنوت منه، فأخذ بيدي فانطلقنا حتى أتى بعض حجر نسائه أم سلمة - أو زينب بنت جحش - فدخل، ثم أذن لي فدخلت، وعليها الحجاب، فقال: «أعندكم غداء؟» فقالوا: نعم. فأتي بثلاثة أقرصة فوضعت على نقي، فقال: «هل عندكم من أدم» فقالوا: لا إلا شيء من خل، قال: «هاتوه» ، فأتوه به فأخذ قرصا فوضعه بين يديه، وقرصا بين يدي، وكسر الثالث باثنين فوضع نصفا بين يديه، ونصفا بين يدي
كان الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ عليهم يُحِبُّونَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حُبًّا جَمًّا، ويَهتمُّون بوَصفِ شَمائلِه وصِفاتِه الجَسديَّةِ والنَّفْسيَّةِ حتى نقَلوا لنا تَفاصيلَ صورَتِه الكَريمةِ بأجملِ ما يكونُ الوَصفُ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ جابِرُ بنُ سَمُرةَ رضيَ اللهُ عنه: "رَأيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في لَيلةٍ إضْحِيانٍ" أيْ: لَيلةٍ يَظهَرُ فيها القَمرُ صافيًا وتكونُ مُضيئةً مُنوَّرةً، "فجعَلتُ" يَعني: شرَعتُ وبدَأْتُ "أنظُرُ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وإلى القَمرِ" أنظُرُ مَرَّةً إلى وَجهِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومَرَّةً إلى القَمرِ؛ لأُقارِنَ بيْنَ جَمالَيهما في الحُسنِ الصُّوريِّ، وعلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ "حُلَّةٌ حَمراءُ" والحُلَّةُ ثَوبٌ مِن قِطعتَينِ إزارٍ ورِداءٍ، "فإذا هو عِندي أحسَنُ مِن القَمرِ" أيْ: رأيْتُ في نفْسي وشعَرتُ أنَّ وَجهَه عليه السَّلامُ أجمَلُ مِن القَمرِ؛ لأنَّ نورَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ظاهِرٌ في الآفاقِ والأنفُسِ مِن نورِ النُّبوَّةِ، وهذا حَقٌّ، فنورُ وَجهِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذاتيٌّ لا يَنفَكُّ عنه ساعةً في اللَّيالي والأيَّامِ، ونورُ القَمرِ مُكتسَبٌ مُستَعارٌ يَنقُصُ تارةً ويُخسَفُ أُخرى
وفي الحَديثِ: بَيانُ بعضِ شَمائلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وصَفاءِ جَمالِه