مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 835
مسند احمد
حدثنا يزيد، أخبرنا ابن أبي ذئب، وأبو عامر، عن ابن أبي ذئب، عن عبد الرحمن بن عطاء، عن عبد الملك بن جابر بن عتيك، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا حدث الرجل حديثا، فالتفت فهي أمانة» - قال أبو عامر: «في مجلسه بحديث» -
كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يأمُرُ بحِفظِ الأماناتِ، ومِن تِلك الأماناتِ: حفظ الأسرار والأحاديث؛ فعدَمُ إشاعَةِ كلامِ الرَّجلِ للرَّجلِ في المجالِسِ أو غيرِها من الأُمورِ المهِمَّةِ في المُجتمَعِ، وعدَمُ فعْلِ ذلك ينْشأُ عنه كثيرٌ منَ الفَسادِ
وفي هذا الحَديثِ تنْبيهٌ لِهذا الأمْرِ، حيث يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "إذا حدَّثَ الرَّجلُ بالحَديثِ"، أي: خَصَّ غيرَه بكلامٍ في أمرٍ ما، "ثمَّ الْتفَتَ"، أي: التفتَ الرَّجُلُ الذي يَتحدَّثُ قلقًا من سَماعِ أحَدٍ لِما يُحدِّثُ بهِ؛ فالتفاتُه بمنزلةِ إعلامٍ لِمَن يُحدِّثُ أنَّ الأمرَ سِرٌّ بينهما وأنَّه لا يُريدُ أنْ يعْرِفَه أحدٌ غيرُه وأنَّه لم يأْذَنْ في تحْديثِه. وقيل: المرادُ بالتفاتِه هو مُجرَّدُ الانصرافِ عن المتكلِّمِ، والمعنى الأوَّل أقرب لظاهِرِ الحديثِ؛ "فهي أَمانَةٌ"، أي: صار هذا الحديثُ في حُكمِ الأمانةِ عند المستمِعِ، فلا يَحِقُّ له بَثُّه لغيرِه، وخاصَّةً مَن شُرِطَ عليه، بل حقُّه أنْ يَكتُمَه ويَحفظَه كما تُحفَظُ الأمانةُ، إلَّا أنْ يأذنَ له صاحِبُ الحَديثِ بالتَّحديثِ به وبَثِّه