مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 903
مسند احمد
حدثنا حسن، حدثنا زهير، عن أبي الزبير، عن جابر: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لي جارية، وهي خادمنا، وسانيتنا أطوف عليها، وأنا أكره أن تحمل فقال: «اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قدر لها» قال: فلبث الرجل، ثم أتاه فقال: إن الجارية قد حملت، قال: «قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها»
المقادِيرُ بيدِ اللهِ وحْدَه؛ فهو علَّام الغُيوبِ، وعلى المسلِمِ أنْ يتوَكَّلَ على الله ويأخُذَ بالأسبابِ، ثُمَّ يفوِّضَ أمرَه إلى الله تعالى
وفي هذا الحَديثِ أنَّ رجُلًا من الأنصارِ جاء إلى رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ليسْألَه، فقال: إنَّ لي جارِيةً أطوفُ عليها وأنا أكْرَهُ أن تَحْمِلَ، أي: يُجامِعُها وهو يَخشَى أن تَحْمِلَ الجاريةُ منه، فيَطْلُب حلًّا لمشكِلَتِه من النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأجابه الرَّسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم قائلًا: «اعزِلْ عنها»، والمرادُ بالعَزْل: أن يَنزِعَ الرَّجُلُ ذَكَرَهُ إذا قَارَبَ الإنْزَالَ أثناءَ مجامعتِه المرأةَ، ويُنْزلَ خَارِجَ الفَرْجِ
وأَمْرُ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم له هنا بالعَزْلِ ليس على إطلاقِه؛ فقد أوْضَحَتْ راوَيةٌ أخرَى للحديثِ أنَّ الرَّجُلَ أخبَر النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ أنَّه يعزِلُ عن جارِيتِه، فقال له النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «فإنَّه سَيأتِيها ما قُدِّرَ لها»، أي: سَيأتِيها قَدَرُها مِن الحمْلِ سواءٌ عزَلْتَ أو لم تعْزِل؛ وذلك لأنَّ الوَلدَ لا يَتكوَّنُ مِن جَميعِ الماءِ الذي يُنزِلُه الرجُلُ
ثم إنَّ الرَّجلَ أتاه بعد مُدَّةٍ فقال: إنَّ الجارِيَة قد حَمَلتْ، فلم ينفَعْهُ العَزْلُ، فقال له صلَّى الله عليه وسلَّم: «قد أخبرتُكَ أنَّه سيأتيها ما قُدِّرَ لها»، وقد وقَع ما قُدِّرَ لها مِن الحمْل؛ وذلك أنَّ الحَذَرَ لا يَمنَعُ مِن وقوعِ القَدَرِ، والنَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا يَنْطِقُ عن الهوى إنْ هو إلَّا وَحْيٌ يُوحَى
وأَمْرُ العَزْلِ يُنْظَرُ فيه إلى عِدَّةِ أُمُورٍ؛ منها المصْلَحَةُ المرْجُوَّةُ مِن العَزْلِ، وهل المعْزُولُ عنها أَمَةٌ مملوكَةٌ أَمْ حُرَّةٌ، فيَستأذِنُ مِن الحُرَّةِ، ويَعزِلُ عن المملوكَةِ دون إذْنِها