مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 935
مسند احمد
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التمر، والزبيب، والرطب، والبسر» يعني أن ينبذا
أحْكامُ البُيوعِ في الإسْلامِ مَدارُها على الأمانةِ وعدَمِ الغَرَرِ بيْنَ المتبايِعَيْنِ، وأنْ يكونَ المَبيعُ مَعلومًا للطَّرَفَيْنِ مَعرفةً تُزِيلُ الجَهالةَ، مِن حيثُ النَّوعُ والكَمُّ والكَيْفُ، وقدْ نَهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن أنْواعٍ مِنَ البُيوعِ فيها الجَهالةُ والغَرَرُ والرِّبا
وهذا الحديثُ يُوضِّحُ بعضَ هذه البُيوعِ الممنوعةِ، فيَرْوي جابرُ بنُ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «نَهى عن بَيْعِ الصُّبْرةِ مِنَ التَّمرِ، لا يُعلَمُ مَكيلَتُها»، والصُّبْرةُ: هي الطَّعامُ المُجتمِعُ مِثلَ الكُومةِ لا يُعلَمُ وَزنُه ولا مِقْدارُه، وهذا يكونُ في كلِّ أنْواعِ الطَّعامِ، وذَكَر هنا نوعًا واحدًا هو التَّمرُ، فخُصَّ بالذِّكرِ؛ لأنَّه أكثَرُ أطْعمَتِهم، وإلَّا فإنَّ النَّهيَ المذكورَ يشمَلُ كلَّ أنْواعِ الطَّعامِ المَكيلِ، ففي رِوايةٍ لمسلِمٍ لم يَذكُرْ قولَه: «مِنَ التَّمرِ» في آخرِ الحَديثِ، مُفيدًا بذلك العُمومَ لكلِّ أنْواعِ الطَّعامِ المَبيعةِ دونَ مَعرفةِ قَدرِها بمِثلِها مَعلومِ القَدرِ. «بالكَيْلِ المُسمَّى مِنَ التَّمرِ»، أي: نَهى أنْ يُباعَ مجهولُ القَدرِ بمَعلومِ القَدْرِ مِن نفْسِ الجِنسِ، كالتَّمرِ بالتَّمرِ، والقَمحِ بالقَمحِ، والشَّعيرِ بالشَّعيرِ؛ لأنَّ ذلك يقَعُ فيه الجَهالةُ بغيرِ المَكيلِ مِن جِهةٍ، ويقَعُ فيه الرِّبا بالتَّفاضُلِ بيْنَهما مِن جِهةٍ أُخْرى، والجَهلُ بالمُساواةِ بيْنَ المَبيعِ والمُشتَرَى مِثلُ العِلمِ بوُجودِ التَّفاضُلِ بيْنَهما، وهذا عينُ الرِّبا؛ فإذا اتَّفقَتِ الأجْناسُ الرِّبويَّةُ فلا بدَّ أنْ يكونَ مِثلًا بمِثلٍ، ويدًا بيدٍ، أمَّا إذا اختلفَتِ الأنْواعُ فلا بأْسَ بالتَّفاضُلِ بيْنَها، كأنْ يَبيعَ التَّمرَ بالقَمحِ، أو الشَّعيرَ بالذُّرةِ، وكذلك إذا باعَ بالنَّقدِ والذَّهبِ والفِضَّةِ
وفي الحَديثِ: بيانُ تَنظيمِ الشَّرعِ لأُمورِ البَيعِ والشِّراءِ؛ حتَّى لا تَحدُثَ المنازَعاتُ فيها