مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 953
مسند احمد
حدثنا أسود بن عامر، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن أبي كرب، عن جابر بن عبد الله، قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم في رجل رجل منا مثل الدرهم لم يغسله، فقال: «ويل للعقب من النار»
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دائمًا ما يَتَفقَّدُ أصحابَه رِضوانُ اللهِ عليهم، خاصَّةً في عِباداتِهم؛ ليُعلِّمَهم ويُرشِدَهم
وفي هذا الحَديثِ يَروي عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تأخَّر عن أصحابِه في سَفرٍ ما، حيثُ إنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان مِن عادتِه أنْ يَسيرَ خلْفَهم، فيَحُثَّ المُتأخِّرَ، ويَصحَبَ الضَّعيفَ، وكانوا إذا حضَرَتْهم الصَّلاةُ نَزَلوا لها، فيَأتي النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيُصلِّي بهم، فأخَّروا الصَّلاةَ عن أوَّلِ الوقتِ؛ طمَعًا أنْ يَلحَقَهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيُصلُّوا معه، فلمَّا ضاق الوقتُ بادَروا إلى الوضوءِ، ولِعَجَلتِهم لم يُكمِلوه، فلم يُسبِغوا الوُضوءَ على كلِّ الأعضاءِ، فغَسَلوا أرجُلَهم غَسلًا خَفيفًا حتى يُرى كأنَّه مسْحٌ، فأدْرَكَهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على ذلك، فأنكَرَ عليهم ما رآهُ منهم، ونادَى بصَوتٍ مُرتفعٍ يَسمَعُه الجميعُ: «وَيلٌ للأعقابِ مِن النَّار»! وفي هذا وَعيدٌ وتَهديدٌ عَظيمٌ لِمَن لم يَستكمِلْ غسْلَ الأعضاءِ في الوُضوءِ، وحثٌّ على إتمامِه والمُبالَغةِ فيه، وإعطاءِ كُلِّ عُضوٍ حقَّه مِن الماءِ، و«وَيلٌ»: كَلمةُ عَذابٍ وهَلاكٍ، والأعقابُ: جمْعُ عَقِبٍ، وهو ما أصابَ الأرضَ مِن مُؤخَّرِ الرِّجلِ إلى مَوضعِ الشِّراكِ. وخصَّ الأعقابَ؛ لأنَّها مَظِنَّةُ عدَمِ وُصولِ الماءِ مع عدَمِ التَّنبُّهِ لها
وفي الحديثِ: تَعليمُ الجاهلِ وإرشادُه
وفيه: أنَّ مِن أُصولِ التَّربيةِ التَّعليميَّةِ في الإسلامِ إعادةَ الجُملةِ مرَّتينِ أو ثَلاثًا؛ لكيْ يَستوعِبَها الطالبُ
وفيه: أنَّ العالِمَ يُنكِرُ ما يَرى مِن التَّضييعِ للفرائضِ والسُّنَنِ، ويُغلِظُ القولَ في ذلك، ويَرفَعُ صَوتَه للإنكارِ
وفيه: الحثُّ على تَفقُّدِ الأماكنِ الَّتي لا يَصِلُ إليها الماءُ غالبًا عندَ الوُضوءِ، كالأعقابِ، والتَّحذيرُ والتَّرهيبُ مِن تَرْكِ إسباغِ الوُضوءِ
وفيه: أنَّ الجسَدَ يُعذَّبُ، وهو مَذهبُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ