‌‌مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم 179

‌‌مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم 179

حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن ذر بن عبد الله الهمداني، عن عبد الله بن شداد، عن ابن عباس، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني أحدث نفسي بالشيء، لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة "

الشيطان عدو لدود للمؤمنين؛ يوسوس لهم بالكفر، ويلقي عليهم الشبهات، ولكن الله يؤيد عباده المؤمنين ويثبتهم على الحق، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته كيفية إزالة الشكوك والوساوس عن صدورها، وعلمها ماذا تفعل في مثل هذه المواقف
وفي هذا الحديث يروي أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: «جاءه ناس من أصحابه فقالوا: يا رسول الله، نجد في أنفسنا الشيء»، أي: من الوساوس ومن كيد الشيطان، ثم «نعظم أن نتكلم به- أو الكلام به- ما نحب أن لنا، وأنا تكلمنا به»، أي: لا نحب ولا نرضى أن نخرجه من صدورنا على ألسنتنا مما يحويه من معان شيطانية، ويثقل ذلك علينا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أو قد وجدتموه؟»، أي: هل وجدتم ما يلقيه الشيطان في نفوسكم، ثم دفعكم إيمانكم عن التحدث به؟ قالوا: «نعم». فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ذاك صريح الإيمان»، والمعنى: أن الإيمان الخالص والخوف من الله في قلوبكم هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في أنفسكم والتصديق به، حتى صار ما يلقيه إليكم مجرد وسوسة، ولا يتمكن في قلوبكم منها شيء، ولا تطمئن إليه أنفسكم. وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما عند أبي داود، أنه لما شكى إليه رجل ذلك قال: «الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة»؛ فبين أن الأمر انتهى بأنه كان حديث نفس ولم يزد على ذلك، وظهر أن صريح الإيمان ليس معناه: أن الوسوسة نفسها هي الإيمان؛ وذلك لأنها إنما تتولد من فعل الشيطان وتسويله؛ فلا تكون إيمانا صريحا
وفي الحديث: بيان أن الشيطان يتربص للمؤمن؛ ليزيغه عن الإيمان إلى الكفر
وفيه: أن المؤمن ينبغي عليه التخلص من وساوس الشيطان ودفعها