مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم 233
حدثنا يونس، حدثنا حماد يعني ابن زيد، عن كثير بن شنظير، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: إنما كان بدء الإيضاع من قبل أهل البادية، كانوا يقفون حافتي الناس حتى يعلقوا العصي والجعاب والقعاب، فإذا نفروا، تقعقعت تلك، فنفروا بالناس، قال: ولقد رئي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن ذفرى ناقته ليمس حاركها، وهو يقول بيده: " يا أيها الناس، عليكم بالسكينة، يا أيها الناس، عليكم بالسكينة "
السكينة والوقار من الصفات الحميدة التي حث عليها الشرع، خصوصا في العبادات ومواطن الزحام، كالحج.
وفي هذا الحديث يروي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه انصرف مع النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة متوجها إلى المزدلفة، وعرفات: جبل يقع على الطريق بين مكة والطائف، ويبعد عن مكة حوالي (22 كم)، وعلى بعد (10 كم) من منى، و(6 كم) من مزدلفة، ويقام عنده أهم مناسك الحج، وهو الوقوف بعرفة يوم التاسع من شهر ذي الحجة. والمزدلفة: اسم للمكان الذي ينزل فيه الحجيج بعد الإفاضة من عرفات، ويبيتون فيه ليلة العاشر من ذي الحجة، وفيه المشعر الحرام، وتسمى جمعا، وتبعد عن عرفة حوالي (12 كم)
فسمع النبي صلى الله عليه وسلم الناس وراءه يصيحون في الإبل ودوابهم ويضربونها؛ لتسرع في سيرها، فأشار بسوطه إليهم إشارة ينهاهم فيها عن السرعة الشديدة، وأمرهم بالهدوء وتخفيف السرعة، والتزام الرفق وعدم مزاحمة الآخرين ومسابقتهم، وعلل صلى الله عليه وسلم نهيه لهم بقوله: فإن البر -الذي هو الخير- ليس بالإيضاع، وهو حمل الدابة على الإسراع في السير، يعني: فليست طاعة الله في سرعة السير. قيل: إنما نهاهم عن الإيضاع والجري إبقاء عليهم، ولئلا يضروا بأنفسهم بالتسابق من أجل بعد المسافة، ولأنهم راجعون من الوقوف بعرفة وهو مظنة التعب والمشقة؛ فأرشدهم صلى الله عليه وسلم إلى الرفق والسكينة
وفي الحديث: مشروعية تنظيم حركة المرور، لا سيما عند الإفاضة من عرفات، وإشراف المسؤولين عليها