مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 338
حدثنا عبد الله بن محمد، وسمعته أنا منه، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: " مر أبو جهل فقال: ألم أنهك، فانتهره النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له أبو جهل: لم تنتهرني يا محمد؟ فوالله لقد علمت ما بها رجل أكثر ناديا مني، قال: فقال جبريل عليه السلام: {فليدع ناديه} العلق: 17] ، قال: فقال ابن عباس: " والله لو دعا ناديه، لأخذته زبانية العذاب "
كان عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي عدوا لدودا لله ولرسوله، وكثيرا ما آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك سماه النبي صلى الله عليه وسلم أبا جهل؛ لكثرة ما كان منه من جهل وإنكار للحق مع وضوحه، هذا مع إيذائه للنبي صلى الله عليه وسلم وعدائه لدعوة الإسلام
وفي هذا الحديث يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي"، أي: وفي رواية أخرى: أنه كان يصلي عند مقام إبراهيم عليه السلام، أو عند الكعبة، "فجاء أبو جهل"، أي: إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، "فقال: ألم أنهك عن هذا، ألم أنهك عن هذا، ألم أنهك عن هذا؟!"، أي: عن تلك الصلاة، أو عن الصلاة في هذا المكان، "فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فزبره"، أي: زجر النبي صلى الله عليه وسلم أبا جهل، وأغلظ له في القول، وفي رواية موضحة: "فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهره"، فقال أبو جهل: "إنك لتعلم ما بها"، أي: بمكة، "ناد أكثر مني"، أي: أهل وعشيرة ينتصرون له ويعينونه على النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن عباس: فأنزل الله تبارك وتعالى: {فليدع ناديه * سندع الزبانية} [العلق: 17، 18]، والزبانية: الملائكة الغلاظ الشداد، وقيل: زبانية جهنم، سموا بها؛ لأنهم يدفعون أهل النار فيها
قال ابن عباس: "والله، لو دعا ناديه، لأخذته زبانية الله"، أي: لو أن أبا جهل دعا أهله وعشيرته استنصارا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأخذته الملائكة
وفي الحديث: بيان حفظ الله وعصمته لنبيه صلى الله عليه وسلم، وإظهار كرامته