مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 420

مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم  420

حدثنا أبو سعيد، حدثنا زائدة، حدثنا سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من الشعر حكما، ومن البيان سحرا "

الشِّعرُ نوعٌ مِن الكلامِ المُنمَّقِ الموزونُ الذي يُؤثِّرُ في النُّفوسِ، وحُكْمُه حُكْمُ الكلامِ باللِّسانِ بحسبِ ما فيه مِن المعاني؛ فقد يكونُ شرًّا وسُوءًا، وقد يكونُ حِكْمةً وأخلاقًا
وفي هذا الحَديثِ يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ مِن البيانِ"، أي: مِن بعضِ أنواعِ الكلامِ المنطوقِ نُطْقًا بيانيًّا، باجتماعِ الفصاحةِ والبلاغةِ وذَكاءِ القلْبِ مع اللِّسانِ؛ ما يكونُ "سِحْرًا"؛ وذلك لحدَّةِ عمَلِه في سامِعِه، وسُرعةِ قَبولِ القلْبِ له، وهذا الكلامُ يُضْرَبُ في استحسانِ المنطقِ وإيرادِ الحُجَّةِ البالغةِ، وقيل: هذا مدْحٌ؛ لأنَّ اللهَ امتنَّ على عِبادِه بتعليمِهم البيانَ، وأصْلُ السِّحرِ: الصَّرفُ، والبيانُ يَصرِفُ القلوبُ ويُمِيلها إلى ما يَدْعو إليه، وقيل: هو ذمٌّ؛ لأنَّه إمالةَ القلوبِ وصرْفَها بمقاطعِ الكلامِ إليه حتَّى تَكتسِبَ مِن الإثمِ به كما تُكتسَبُ بالسِّحرِ
"وإنَّ مِن الشِّعرِ"، وهو الكلامُ المُقفَّى الموزونُ قصدًا، "حِكمةً"، أي: يكونُ في بعضِ أنواعِ الشِّعرِ حِكمةٌ مِن القولِ الصَّادقِ المطابقِ للحقِّ، وهو ما فيه المواعظُ والأمثالُ، والكلامُ النَّافعُ الذي يَمنَعُ مِن الجهلِ والسَّفهِ، ويَنْهى عنهما