مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 500

مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم  500

حدثنا عفان، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا الجعد أبو عثمان، عن أبي رجاء العطاردي، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما روى عن ربه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن ربكم تبارك وتعالى رحيم، من هم بحسنة فلم يعملها، كتبت له حسنة، فإن عملها، كتبت له عشرا، إلى سبع مائة، إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها، كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له واحدة، أو يمحوها الله، ولا يهلك على الله تعالى إلا هالك " (1)

الله عز وجل واسع الرحمة، جزيل العطاء، ومعاملته لعباده دائرة بين العدل والفضل
وهذا المتن يشتمل على عدة روايات كلها تشتمل على ذات المعنى؛ وهو بيان كرم الله عز وجل على العباد في كتابة الحسنات والسيئات؛ فيروي النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة جل جلاله أنه إذا تحدث الإنسان في نفسه، وهم بأن يعمل حسنة، ولم يعمل هذه الحسنة، لمانع أو لغير مانع؛ كتبها الله له حسنة كاملة غير منقوصة، فإذا أتم عملها، ضاعف الله هذه الحسنة عشرة أمثال، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «كتبها الله له عنده عشر حسنات، إلى سبع مئة ضعف، إلى أضعاف كثيرة»، كما قال تعالى: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم} [البقرة: 261]؛ وذلك بحسب الإخلاص، وصدق العزم، وحضور القلب، وتعدي النفع
وأنه متى تحدث الإنسان في نفسه، وهم بأن يعمل سيئة، ولم يعملها؛ بل تركها خوفا من الله وحياء منه؛ غفرها الله له، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «كتبها الله له عنده حسنة كاملة»، وإذا عملها كتبت سيئة واحدة؛ رحمة منه سبحانه وتعالى، دون زيادة أو مضاعفة كما في الحسنات
وتشتمل الروايتان الأخيرتان على نفس المعنى المتقدم، وقوله في الرواية الثانية: «قالت الملائكة: رب، ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة»، فاطلاع الملك على النية التي هي من فعل القلب يكون بإطلاع الله تعالى إياه، وقوله: «إنما تركها من جراي»، أي: من أجلي، فصار تركه لها -خوفا من الله، ومجاهدة لنفسه الأمارة بالسوء، وعصيانا لهواه- حسنة
وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أحسن أحدكم إسلامه»، أي: باعتقاده وإخلاصه، ودخوله فيه بالباطن والظاهر
وفي الحديث: عظيم فضل الله تعالى على عباده، ورحمته بهم
وفيه: إثبات مراقبة الملائكة لأعمال الإنسان