مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 614
وبهذا الإسناد قال: كذا قال أبي: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم، وأعطى الحجام أجره، واستعط " (3)
أحل الله سبحانه لعباده الطيبات، وحرم عليهم الخبائث من كل شيء؛ من المطعم والمشرب، والمكسب والتجارة، وغير ذلك، كما حث الشرع المسلم على أن يكون كريم النفس مترفعا عن الدنايا
وفي هذا الحديث يخبر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتجم»، أي: طلب من شخص أن يحجمه، والحجامة هي إخراج بعض الدم من الجسم، عن طريق تشريط موضع الوجع، ثم امتصاص هذا الدم واستخراجه بعد تجميعه بواسطة محجم، وهو أداة تشبه القمع أو الكأس، وهي علاج لكثير من الأوجاع. وأعطى صلى الله عليه وسلم من قام له بالحجامة أجرة على ذلك، وهذا من سنن النبي صلى الله عليه وسلم الفعلية، ولو كان إعطاء الحجام أجرة حراما لما أعطى الحجام أجرة، وحمل العلماء أحاديث النهي عن كسب الحجام والتصريح بأنه خبيث على التنزيه والترفع عن دنيء الأكساب، والحث على مكارم الأخلاق، ومعالي الأمور. أو يحتمل أن يكون النهي كان في بدء الإسلام، ثم نسخ ذلك، فلما أعطى الحجام أجره، كان ناسخا لما تقدمه
ثم ذكر ابن عباس رضي الله عنهما دواء آخر استعمله النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «واستعط»، أي: استعمل السعوط، وهو دواء يوضع بالأنف، وتكون هيئة من يستعمله: أن يجلس مستلقيا جاعلا بين كتفيه ما يرفعهما، ثم يقطر هذا الدواء في أنفه حتى يصل إلى دماغه، فيخرج الداء بالعطاس
وفي الحديث: استعمال النبي صلى الله عليه وسلم الدواء، وأخذه بأسباب العلاج
وفيه: أخذ الحجام أجرة على الحجامة