مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 644
حدثنا أسود بن عامر، حدثنا إسرائيل، عن عثمان يعني ابن المغيرة، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رأيت عيسى ابن مريم، وموسى، وإبراهيم، فأما عيسى، فأحمر جعد عريض الصدر، وأما موسى فآدم جسيم " قالوا له: فإبراهيم؟ قال: " انظروا إلى صاحبكم " يعني نفسه (1)
ذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من فتنة المسيح الدجال؛ فهي أشد الفتن وأعظمها
وفي هذا الحديث يخبر التابعي مجاهد بن جبر أنهم كانوا عند عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فذكروا الدجال -من الدجل، وهو التغطية؛ سمي به لأنه يغطي الحق بباطله- وهو الذي يظهر في آخر الزمان ويدعي الألوهية، وهو شخص من بني آدم، وظهوره من العلامات الكبرى ليوم القيامة، يبتلي الله به عباده، وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى؛ من إحياء الميت الذي يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه، وجنته وناره، واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر، والأرض أن تنبت فتنبت، فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته، ويقتله نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام، فقال قائل من الحاضرين: «إنه» يعني الدجال «مكتوب بين عينيه: كافر»؛ ليستيقن المؤمنون من كفره. فلما سمع ابن عباس رضي الله عنهما ذلك قال: إنه لم يسمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، لكن ورد في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وإن بين عينيه مكتوب كافر»
وذكر ابن عباس رضي الله عنهما أنه إنما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم يذكر نبي الله إبراهيم ونبي الله موسى عليهما السلام، فقال: «أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم»، يريد نفسه الشريفة صلى الله عليه وسلم ويعني بذلك: أن إبراهيم عليه السلام كان يشبهه صلى الله عليه وسلم
وأما نبي الله موسى عليه السلام «فرجل آدم»، يعني: أسمر، «جعد» يعني: أن شعره جعد، وهو ما فيه التواء وتكسر وخشونة، راكب «على جمل أحمر مخطوم بخلبة»، يعني: أن خطام هذا الجمل حبل مصنوع من الليف، «كأني أنظر إليه إذ انحدر في الوادي يلبي» يعني: أنه صلى الله عليه وسلم رآه رؤية حقيقية مثله الله له منحدرا من وادي الأزرق يلبي بالحج. أو كانت رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم له في المنام، ورؤيا الأنبياء حق