مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 708

مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 708

حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا إسماعيل يعني ابن زكريا، عن عبد الله يعني ابن عثمان، عن أبي الطفيل، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل مر الظهران في عمرته، بلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قريشا تقول: ما يتباعثون من العجف. فقال أصحابه: لو انتحرنا من ظهرنا، فأكلنا من لحمه، وحسونا من مرقه، أصبحنا غدا حين ندخل على القوم وبنا جمامة؟ قال: " لا تفعلوا، ولكن اجمعوا لي من أزوادكم " فجمعوا له، وبسطوا الأنطاع، فأكلوا حتى تولوا، وحثا كل واحد منهم في جرابه، ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل المسجد، وقعدت قريش نحو الحجر، فاضطبع بردائه، ثم قال: " لا يرى القوم فيكم غميزة " فاستلم الركن، ثم دخل حتى إذا تغيب بالركن اليماني، مشى إلى الركن الأسود، فقالت قريش: ما يرضون بالمشي، أنهم لينقزون نقز الظباء، ففعل ذلك ثلاثة أطواف، فكانت سنة قال أبو الطفيل: وأخبرني ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم " فعل ذلك في حجة الوداع " (2)

قَوْلُهُ "مَا يَتَبَاعَثُونَ": أَيْ: يَقُومُونَ; أَيِ: الصَّحَابَةُ

 "مِنَ الْعَجَفِ": - بِفَتْحَتَيْنِ - أَيِ: الضَّعْفِ الْحَاصِلِ بِالْجُوعِ وَالْمَرَضِ

 "مِنْ ظَهْرِنَا": أَيْ: مِنْ جِمَالِنَا

"وَبِنَا جَمَامَةٌ": - بِالْجِيمِ - أَيْ: رَاحَةٌ وَشِبَعٌ وَرِيٌّ

 "حَتَّى تَوَلَّوْا": أَيِ: انْصَرَفُوا عَنِ الْأَكْلِ بِشِبَعٍ

 "فِي جِرَابِهِ": - بِكَسْرِ جِيمٍ، وَالْعَامَّةُ تَفْتَحُهُ - ، وَقِيلَ: بِهِمَا: وِعَاءٌ مِنَ الْجِلْدِ، أَرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ أَنْ يَمْلَأَ جِرَابَهُ مِمَّا بَقِيَ; لِمَا حَصَلَ فِيهِ مِنَ الْبَرَكَةِ
 "غَمِيزَةً": أَيْ: نَقِيصَةً يَغْمِزُ بِهَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا; أَيْ: يُشِيرُهُ، يُقَالُ: فِيهِ غَمِيزَةٌ; أَيْ: مَطْعَنٌ أَوْ مَطْمَعٌ، وَيُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي; أَيْ: لَا يَرَوْنَ فِيكُمْ ضَعْفًا يَطْمَعُونَ بِهِ فِي مُحَارَبَتِكُمْ

"ثُمَّ دَخَلَ": أَيْ: فِي الطَّوَافِ يَرْمُلُ، أَوْ فِي الرَّمَلِ، وَالْمُرَادُ: أَنَّهُ دَخَلَ وَمَعَهُ الصَّحَابَةُ يَفْعَلُونَ مَا يَفْعَلُ

 "لَيَنْقُزُونَ": - بِالْقَافِ - مِنْ نَقَزَ; كَنَصَرَ: إِذَا وَثَبَ، أَوْ - بِالْفَاءِ - كَضَرَبَ بِمَعْنَاهُ

 "فَكَانَتْ سُنَّةً": قَدْ جَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ أَنْكَرَ كَوْنَهُ سُنَّةً، فَلَعَلَّهُ رَجَعَ إِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ بَعْدَ أَنْ حَقَّقَ الْأَمْرَ كَمَا سَبَقَ، لَكِنْ يُشْكِلُ أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ الرَّاوِيَ لِهَذَا الْحَدِيثِ هُوَ الَّذِي رَوَى الْإِنْكَارَ أَيْضًا، إِلَّا أَنْ يُقَالَ: لَعَلَّهُ سَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْقَوْلَ مَرَّةً ثَانِيَةً بَعْدَ أَنْ رَجَعَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ