مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 713
حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا إسماعيل يعني ابن جعفر، قال: أخبرني محمد يعني ابن أبي حرملة، عن كريب: أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام، فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال (2) ؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ قلت: نعم، ورآه الناس وصاموا، وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: " لا، هكذا أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم " (3)
جعل الله عز وجل بحكمته رؤية الهلال إيذانا ببداية كل شهر، وميقاتا للناس، حيث تترتب على تلك الرؤية نسك ومشاعر وفرائض جليلة، كصيام شهر رمضان، الذي هو أحد أركان الإسلام العظام
وفي هذا الحديث بيان ذلك، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الهلال فصوموا"، أي: إذا تحققتم من رؤية هلال أول رمضان فابدؤوا الصيام، "وإذا رأيتموه فأفطروا"، أي: وإذا تحققتم من رؤية هلال شوال فأفطروا من رمضان، "فإن غم عليكم"، أي: فإن خفي عليكم رؤية الهلال، "فأتموا شعبان ثلاثين، إلا أن تروا الهلال قبل ذلك"، أي: إن خفي عليكم هلال أول رمضان ولم تروه فأتموا شعبان ثلاثين يوما، ولا تصوموا في اليوم الثلاثين منه، إلا إذا رأيتم الهلال في اليوم التاسع والعشرين؛ فإنكم تصومون في اليوم التالي، "ثم صوموا رمضان ثلاثين، إلا أن تروا الهلال قبل ذلك"، أي: وإن خفي عليكم هلال أول شوال ولم تروه فأتموا رمضان وصيامه ثلاثين يوما، إلا إذا رأيتم الهلال في اليوم التاسع والعشرين؛ فإنكم تفطرون في اليوم التالي
هذا، وقد جعل الله سبحانه مواقيت بعض العبادات- كالصلاة والصيام- تعرف بأمور طبيعية يشترك فيها الناس جميعا؛ فالصيام بني على رؤية الهلال، والهلال يراه الناس، ويرى في الحضر، ويرى في البادية، وهذا من التيسير ورفع الحرج على الناس؛ فإذا لم تثبت رؤية هلال رمضان في التاسع والعشرين من شعبان، فعلى المسلمين إكمال شعبان ثلاثين يوما، سواء كانت السماء مصحية أو مغيمة، وإذا لم ير هلال شوال وجب إكمال شهر رمضان ثلاثين يوما، وإذا ثبتت رؤية هلال شوال، وقد مضى من النهار بعضه، فإن الناس يفطرون ويصلون العيد، إن كان ذلك قبل الزوال