مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 736
حدثنا محمد بن جعفر، وروح المعنى، قالا: حدثنا عوف، عن زرارة بن أوفى، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لما كان ليلة أسري بي، وأصبحت بمكة، فظعت بأمري، وعرفت أن الناس مكذبي " فقعد معتزلا حزينا، قال: فمر به عدو الله أبو جهل، فجاء حتى جلس إليه، فقال له كالمستهزئ: هل كان من شيء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم " قال: ما هو؟ قال: " إنه أسري بي الليلة " قال: إلى أين؟ قال: " إلى بيت المقدس؟ " قال: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: " نعم " قال: فلم يره (1) أنه يكذبه، مخافة أن يجحده الحديث إن دعا قومه إليه، قال: أرأيت إن دعوت قومك تحدثهم ما حدثتني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم ". فقال: هيا معشر بني كعب بن لؤي حتى قال: فانتفضت إليه المجالس، وجاءوا حتى جلسوا إليهما، قال: حدث قومك بما حدثتني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني أسري بي الليلة، قالوا: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس، قالوا: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ " قال: " نعم " قال: فمن بين مصفق، ومن بين واضع يده على رأسه، متعجبا للكذب زعم قالوا: وهل تستطيع أن تنعت لنا المسجد؟ وفي القوم من قد سافر إلى ذلك البلد، ورأى المسجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فذهبت أنعت، فما زلت أنعت حتى التبس علي بعض النعت "، قال: " فجيء بالمسجد وأنا أنظر حتى وضع دون دار عقال أو عقيل فنعته، وأنا أنظر إليه "، قال: " وكان مع هذا نعت لم أحفظه " قال: " فقال القوم: أما النعت فوالله لقد أصاب " (1)
قوله: "قطعت بأمري": - بالقاف - من القطع على بناء الفاعل; أي: قطعت بما يرجع إليه أمري من تكذيب الناس إياي، وعلى هذا فقوله: "وعرفت...إلخ " تفسير له، أو - بالفاء والظاء المعجمتين - من فظع بالأمر; كفرح; أي: ضاق به ذرعا، وضبطه بعضهم على بناء المفعول، والله تعالى أعلم ما وجهه
"فلم ير": أي: أبو جهل
"أنه يكذبه": من التكذيب
"يجحده الحديث": ضمير الفاعل للنبي صلى الله عليه وسلم، أو للتكذيب، وضمير المفعول لأبي جهل، والحديث مفعول ثان; من جحده حقه: إذا أنكره مع علمه
"هيا": - بالتخفيف من حروف النداء -
"فانتفضت": أي: فرغت وخلصت; من نفضه
"بين مصفق": من التصفيق، وهو الضرب بباطن الراحة على الأخرى
"للكذب زعم": جمله زعم صفة الكذب على أنه في معنى النكرة; أي: لكذب زعم
وفي "المجمع": رجاله رجال الصحيح