مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 879
حدثنا أبو المغيرة، حدثنا الأوزاعي، قال: بلغني أن عطاء بن أبي رباح، قال: إنه سمع ابن عباس، يخبر: أن رجلا أصابه جرح في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أصابه احتلام، فأمر بالاغتسال، فمات، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " قتلوه قتلهم الله، ألم يكن شفاء العي السؤال " (2)
جاء الإسلام ميسرا لا معسرا، يحفظ أرواح الناس ولا يبددها، وفي هذا الحديث يحكي جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فيقول: "خرجنا في سفر، فأصاب رجلا منا حجر، فشجه"، أي: جرحه "في رأسه، ثم احتلم"، أي: نزل منه المني في حال نومه، فأصابته جنابة، "فسأل أصحابه"، أي: بعض الذين كانوا معه في السفر، فقال الرجل: "هل تجدون لي رخصة في التيمم؟"، أي: هل لي أن أتيمم لجرحي دون غسل؟ "فقالوا: ما نجد لك رخصة"، أي: لا نجد لك عذرا للتيمم "وأنت تقدر على الماء"، والمعنى: أنهم فرضوا عليه الغسل؛ "فاغتسل" الرجل "فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك"، أي: بقصة الرجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قتلوه"، أي: الذين أوجبوا على صاحبهم الغسل، قتلوه بفتواهم دون علم، "قتلهم الله!"، أي: دعا عليهم من باب الزجر والتهديد لهم، "ألا سألوا إذ لم يعلموا؟!"، أي: ألا طلبوا العلم فيما لا يعرفونه؛ "فإنما شفاء العي السؤال"، أي: لا شفاء لداء الجهل إلا التعلم
ثم وضح النبي صلى الله عليه وسلم ما كان للرجل من رخصة في أمره بقوله: "إنما كان يكفيه"، أي: الرجل المحتلم "أن يتيمم، ويعصر- أو يعصب، شك موسى-" وهو ابن عبد الرحمن، أحد رواة الحديث، أي: شك أيهما قول النبي صلى الله عليه وسلم؟ والمعنى: يربط "على جرحه خرقة"، أي: قطعة من الثياب ليمنع وصول الماء إليها، "ثم يمسح عليها"، أي: على الخرقة بالماء، "ويغسل سائر جسده"، أي: ثم يعمم الماء على باقي جسده دون أن يصل إلى جرحه
وفي هذا الحديث: وعيد لمن يفتي بدون علم، وخاصة لمن يتصدر للفتوى