مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 924
حدثنا عبد الرحمن، حدثنا سفيان، عن سلمة، عن الحسن يعني العرني، عن ابن عباس " أن جديا، سقط بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فلم يقطع صلاته " (1)
كان النبي صلى الله عليه وسلم معلما رحيما، ومؤدبا رفيقا، ومربيا حليما، فكان إذا رأى خطأ لا يعنف، ولا يزجر، ولا ينفر، وإنما يعلم بالحسنى، وإذا رأى صوابا مدحه، وأثنى عليه، وشكر له
وفي هذا الحديث يخبر الصحابي أبو سعيد بن المعلى الأنصاري رضي الله عنه أنه بينما يصلي في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ناداه النبي صلى الله عليه وسلم أثناء صلاته، فلم يجبه؛ لئلا يقطع صلاته؛ ظنا منه أن إجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة لمن هو خارج الصلاة، فلما انتهى من صلاته اعتذر للنبي صلى الله عليه وسلم، وأخبره أنه كان في صلاة، فأخبره صلى الله عليه وسلم أن إجابة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة على الفور بالنسبة للمصلي وغير المصلي؛ لأن الله أمر بإجابته في قوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} [الأنفال: 24]، وهذه خصوصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد»، ومعنى تعليمه إياها: أنه يخبره بأنها سورة كذا، وكونها أعظم سورة في القرآن معناه: أن ثوابها أعظم من غيرها، فلما أراد صلى الله عليه وسلم أن يخرج من المسجد ذكره أبو سعيد رضي الله عنه بالوعد الذي وعده به، فقال له صلى الله عليه وسلم: «(الحمد لله رب العالمين) هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته»، يعني: أن السورة التي هي أفضل سور القرآن وأعظمها شأنا: هي سورة الفاتحة. وهي السبع المثاني والقرآن العظيم، أي: هي السورة العظيمة التي قال الله تعالى فيها: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم} [الحجر: 87]، فسماها السبع المثاني؛ لأنها سبع آيات تثنى، يعني: تتكرر قراءتها في كل ركعة، وفي كل صلاة، وسماها القرآن العظيم؛ لاشتمالها -مع وجازتها وقلة ألفاظها- على أهم مقاصد القرآن الكريم: من إثبات التوحيد، والنبوة، والمعاد، والعبادة المتضمنة لأركان الإسلام
وفي الحديث: عظيم حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، ولزوم إجابته في جميع الأحوال حتى في الصلاة
وفيه: حرص أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه على العلم
وفيه: فضل سورة الفاتحة