مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 925
حدثنا وكيع، حدثنا ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن عبد الله بن عمير، مولى لابن عباس، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لئن بقيت إلى قابل لأصومن اليوم التاسع " (1)
كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على إرشاد أمته إلى أبواب الخير والفضل، وفضائل الأعمال، ومن هذا: أنه كان يحرص على صيام النفل في بعض الأيام؛ منها: يوم عاشوراء، وذلك أنه لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أمر بصيام يوم عاشوراء؛ لما علم أن اليهود تصومه شكرا لله على إنجائه موسى عليه السلام وإغراق فرعون في ذلك اليوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نحن أولى بموسى منهم» كما في الصحيح
وفي هذا الحديث يخبر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لئن بقيت إلى قابل، لأصومن اليوم التاسع"، أي: يوم التاسع من شهر المحرم، ومقصده صلى الله عليه وسلم أنه إذا عاش إلى العام المقبل صام يوم تاسوعاء مع صيام يوم عاشوراء، وهو يوم العاشر من المحرم، ولم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم صام يوم التاسع كما ورد في صحيح مسلم، «فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم»، وهذا أيضا من مراحل صوم يوم عاشوراء، حيث سن النبي صلى الله عليه وسلم صوم يوم التاسع مع العاشر، ومن مراحل صوم يوم عاشوراء أيضا أن صيامه كان فرضا قبل أن يفرض صيام رمضان، فلما فرض الله تعالى صيام رمضان جعل صيام عاشوراء نفلا؛ فمن شاء صامه، ومن شاء تركه، وقد جاء في صحيح مسلم ما يبين فضل صيام يوم عاشورء، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله»، أي: يكفر ذنوب السنة السابقة عليه
وقوله: «مخافة أن يفوته عاشوراء»، هذه من زيادة أحد الرواة في روايته عن ابن عباس رضي الله عنهما، ومعناها: أن الحكمة أو العلة من صيام يوم التاسع مع يوم العاشر؛ حتى يتأكد أنه صام يوم عاشوراء ولم يفته. وقد ورد حديث آخر عند البيهقي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما موقوفا، ما يبين حكمة أخرى من صيام يوم التاسع، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال: «صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود»؛ ففي هذا بيان أن العلة من صيام التاسع هي مخالفة اليهود
وفي الحديث: بيان فضيلة صيام يوم عاشوراء، والاحتراز لصومه بصوم يوم التاسع معه