مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم 934
حدثنا يزيد، أخبرنا ابن أبي ذئب، عمن سمع، ابن عباس، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي المرأة، والمملوك من المغنم، دون ما يصيب الجيش " (2)
حثَّتِ شَريعةُ الإسلامِ المُطهَّرةِ على كُلِّ ما يَكونُ سَببًا لتَأليفِ قُلوبِ المُسلِمين بَعضِهم على بَعضٍ، ومِن ذلِك: ما جاء في هذا الحديثِ، حيثُ قال: "إذا كُنتم ثلاثةً فلا يَتناجَى اثنانِ دون صاحبِهما؛ فنَهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن تَناجِي الاثْنَينِ دون الثَّالِثِ؛ وهو أنْ يُكلِّمَ الرَّجلُ الآخَرَ سِرًّا بِحُضورِ آخَرَ، وإنْ كانتِ النَّجْوى في مُباحٍ، ثمَّ بيَّنَ عِلَّةَ هذا النَّهيِ؛ فقال: "فإنَّ ذلك يُحزِنُه"، أي: مِن أَجلِ أنَّ ذلك يُحزِنُه؛ لِمَا قد يُوَسْوِسُ له به الشَّيطانُ مِن أنَّهما يَتناجيانِ للإضرارِ به، أو يَحْزَنُ؛ لاختِصاصِ غَيرِه بالمُناجاةِ، وبَيَّنتِ الرِّواياتُ أنَّ النَّهيَ يَزولُ إذا كانوا في جَماعةٍ وخُلْطَةٍ بالنَّاسِ؛ لِزَوالِ الرِّيبةِ
ثمَّ قال النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ولا تُباشِرِ المرأةُ المرأةَ"، أيْ: لا تُلامِسْ بَشَرتَها دُونَ حائلٍ، ولا تَنظُرْ إلى بَشَرتِها ومَحاسنِها، "ثمَّ تَنعَتُها لِزوجِها"، أي: تَصِفُها وتُخبِرُ بمَحاسنِها وما فيها مِن جَمالٍ أو قُبحٍ، "لزَوجِها كأنَّهُ ينظُرُ إلَيها"؛ لشِدَّةِ الوَصفِ ودِقَّتِه، فإنْ كانتْ جَميلةً تعلَّقَ قَلبُهُ بها، فيَميلُ إليها ويَفتَتِنُ بها، ويَكرَهُ زَوجتَهُ الَّتي وصَفتْها، فيكونُ ذلكَ سَببَ طلاقِها، وإنْ كانتْ قَبيحةً، فهذا مِن الغِيبةِ، والَّتي ربَّما تَجعلُ زَوجَها غيرَ راضٍ عَنها
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن وَصْفِ المرأةِ غَيرَها مِن النِّساءِ لزَوجِها، ونَقلِ دَواخِلِ الغَيرِ وإفْشاءِ ما أمَرَ اللهُ بحِفْظهِ
وفيه: تَربِيةٌ وإرْشادٌ نَبويٌّ لحِفظِ الأعراضِ، وحِفظِ القُلوبِ مِن التَّعلُّقِ بما حرَّمهُ اللهُ
وفيه: إرْشادٌ إلى سَدِّ الذَّرائعِ المُؤدِّيةِ إلى إفْسادِ القُلوبِ وإفْسادِ العَلاقاتِ بينَ النَّاسِ