مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما 200

مسند احمد

مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما 200

حدثنا يحيى، عن عبيد الله، أخبرني نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا»

رتَّبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الحقوقَ والواجباتِ على النَّاسِ في الجماعاتِ، وحَرَص على بَيانِها، حِفاظًا على المودَّةِ بيْن المسْلِمين، وتَفاديًا لِبَواعثِ الشِّقاقِ والخلافِ والبغضاءِ

وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ لنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعضَ الآدابِ في صلاة الجُمُعة، حيثُ تكونُ الجماعاتُ والجلوسُ في المساجِدِ، فنَهى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن أنْ يُقيمَ أحدٌ أخاه المسْلمَ يومَ الجُمُعة مِن مَقْعَدِه ومَكانِه الَّذي يَجلِسُ فيه، ومُرادُه: أنَّ الجالسَ قام مِن مَكانهِ لحاجةٍ على أنْ يَأتِيَ إليه، «ثُمَّ لْيُخالِفْ» أي: يَأتي آخَرُ إلى مَوضعِ قُعودِه «فيَقْعُدَ هو فيه»، وبيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لمَن لا يَجِدُ مَكانًا يَجلِسُ فيها ما يَفعَلُ؛ وهو أنْ يقولَ للحضورِ: «أَفسَحوا» وما في مَعناها، أي: أَوسِعوا، كما قال تعالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ} [المجادلة: 11]؛ وذلك إذا كان المَحَلُّ قابِلًا للتوسُّعِ، وإلَّا فلا يُضَيِّقْ على أحدٍ، بل لِيُصَلِّ ولو على بابِ المسجدِ. وعلى هذا فمَجالِسُ العلمِ والذِّكرِ والخُطَبِ في المساجدِ، لها حُقوقٌ على مَن يَتمكَّنُ مِن الانتفاعِ بها، وكلُّ جالسٍ فيها له حُقوقٌ على الدَّاخلِ عليهم، وهو أَولى بالمكانِ الَّذي جلَسَ فيه، ولا يُقِيمُه أحدٌ منه مهْما كان قَدْرُ الدَّاخلِ عليه، ولكنْ لو قامَ باختيارِه ورِضاهُ تَكريمًا لقادمٍ، ليُجلِسَه في مَكانِه؛ كان ذلك تَنازلًا وإيثارًا مَقبولًا منه، مَشكورًا عليه