مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما 101
مسند احمد
حدثنا حسين يعني ابن محمد، حدثنا جرير يعني ابن حازم، عن محمد يعني ابن إسحاق، عن أبي سفيان، عن مسلم بن جبير، عن عمرو بن الحريش قال: سألت عبد الله بن عمرو بن العاص، فقلت: إنا بأرض ليس بها دينار ولا درهم، وإنما نبايع (1) بالإبل والغنم إلى أجل، فما ترى في ذلك؟ قال: على الخبير سقطت، جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا على إبل من إبل الصدقة، حتى نفدت، وبقي ناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اشتر لنا إبلا بقلائص (2) من إبل الصدقة إذا جاءت، حتى نؤديها إليهم "، فاشتريت البعير بالاثنين والثلاث (3) قلائص، حتى فرغت، فأدى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من إبل الصدقة
اشتَمَلَتِ الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ على كُلِّ ما يَحتاجُه المُسلِمُ في أمرِ دينِه ودُنياه، فهذه الشَّريعةُ فيها أحكامُ العَقائِدِ، وأحكامُ العِباداتِ، وأحكامُ المُعامَلاتِ التي تَضبِطُ تَعامُلَ النَّاسِ في بَيعِهم وشِرائِهم، وعَدَمِ أكلِ أموالِهم بَينَهم بالباطِلِ، ولأجلِ ذلك فقد جاءَ النَّهيُ عنِ الرِّبا، فيَبيعُ دِرهَمًا بدِرهَمَينِ، أو مُدًّا بمُدَّينِ، ونَحوِ ذلك مِن صُوَرِ الرِّبا، ولَكِن جاءَتِ الرُّخصةُ باستِثناءِ بَعضِ صُوَرِ التَّفاضُلِ في الرِّبا، لا سيَّما إذا كان في الحَيَوانِ بأن يَأخُذَ بَعيرًا ببَعيرَينِ مُؤَجَّلًا؛ فقد أمَرَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عبدَ اللهِ بنَ عَمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما أن يُجَهِّزَ جَيشًا، أي: يَعمَلَ على إعدادِه مِن تَوفيرِ ما يَحتاجُه الغازي في الغَزوةِ مِن سِلاحٍ ومَركَبٍ وغَيرِهما، قال عبدُ اللهِ بنُ عَمرٍو: وليس عِندَنا ظَهرٌ، أي: يَقصِدُ جِمالًا يَركَبونَ عليها. فأمَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَبتاعَ، أي: يَشتَريَ، ظَهرًا، أي: جِمالًا إلى خُروجِ المُصَدِّقِ، أي: إلى أن يَخرُجَ الذي يَذهَبُ إلى النَّاسِ فيَأخُذُ مِنهم صَدَقاتِ أموالِهم. والمَعنى: أنَّه أمَرَه أن يَشتَريَ جِمالًا ويَكونُ ثَمَنُها مُؤَجَّلًا إلى أن تَأتيَ الصَّدَقاتُ، فيَدفعوا قيمَتَها مِن هذه الصَّدَقاتِ. فابتاعَ، أي: اشتَرى، عبدُ اللهِ بنُ عَمرٍو البَعيرَ بالبَعيرَينِ وبأبعِرةٍ إلى خُروجِ المُصَدِّقِ بأمرِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أي: كان يَشتَري مِنَ النَّاسِ البَعيرَ وهو الجَمَلُ، بالبَعيرَينِ، والبَعيرَ بالأبعِرةِ مُؤَجَّلًا إلى أن تَأتيَ الصَّدَقاتُ. وفي الحَديثِ أهَمِّيَّةُ الإعدادِ عِندَ الخُروجِ للجِهادِ. وفيه اهتِمامُ الإمامِ بأمرِ تَجهيزِ الجَيشِ. وفيه مَشروعيَّةُ بَيعِ الحَيَوانِ بالحَيَوانِ مُتَفاضِلًا مُؤَجَّلًا.