مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما170
مسند احمد
حدثنا وكيع، حدثنا خليفة بن خياط، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته، وهو مسند ظهره إلى الكعبة: " لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عهد في عهده "
هذا الحَديثُ بمَنزلةِ القَواعدِ والأُصولِ لِتعامُلِ المُسلِمين فيما بيْنهم، وفيما بيْنهم وبيْن غَيرِهم؛ حيثُ يُخبِرُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "المُؤمِنون تَتَكَافَأُ دِماؤُهم"، أي: تَتساوَى دِماؤُهم في القِصاصِ والدِّياتِ لبَعضِهم مِن بعضٍ، ولا فَرْقَ بيْن الشَّريفِ والوَضيعِ في الدَّمِ؛ فلا يَفضُلُ منهم شَريفٌ على وَضيعٍ، وليسَ كما كان في الجاهليَّةِ حيثُ كانوا لا يَرضَون في دَمِ الرَّجلِ الشَّريفِ بالاستِقادةِ مِن قاتِلِه، حتَّى يَقتصُّوا مِن عِدَّةٍ مِن قَبيلةِ القاتِل، فأبطَلَ الإسلامُ حُكمَ الجاهليَّةِ، وجعَلَ دِماءَ المُسلِمين على التَّكافُؤِ وإنْ كان بيْنهم تفاضُلٌ وتفاوُتٌ، "ويَسْعى بذِمَّتِهم أدناهم"، أي: إذا أعْطى أحَدٌ مِنَ المُسلِمين عهْدًا وذِمَّةً لغيرِ مُسلمٍ، ولو كان ذلك مِن عبْدٍ أو أَمَةٍ، وَجَبَ على باقي المُسلِمين أنْ يُوفُوا له عهْدَه، وفي قولِه: "أدناهم" إشارةٌ إلى التَّقليلِ مِن شأْنِ مَنْ يُعطي العَهْدَ، وعلى المُسلِمين أنْ يُكبِّروه في ذلك العهْدِ ويَحترِموه فيه، "ألَا لا يُقْتَلُ مُسلِمٌ بكافرٍ"، أي: إذا قتَلَ مُؤمنٌ كافرًا حربيًّا فلا قِصاصَ عليه، دونَ مَن له عهدٌ وذِمَّةٌ مِن الكُفَّارِ، "ولا ذو عَهْدٍ في عَهْدِه"، أي: ولا يُقْتَلُ المُعاهَدُ بكافرٍ حَربيٍّ، ولا قِصاصَ عليه.
وفي الحَديثِ: أنَّ الوَلاءَ بيْن المُسلِمينَ يَكونُ للدِّينِ لا لأرضٍ أو نسَبٍ أو غيرِ ذلك.