‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما 109

مسند احمد

‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص  رضي الله عنهما 109

حدثنا يحيى بن إسحاق، أخبرنا ابن لهيعة، عن شرحبيل بن شريك، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد أفلح من آمن، ورزق كفافا، وقنعه الله به "

 كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يَتعهَّدُ أصحابَه بالموعظةِ والنُّصحِ والتَّرغيبِ في مَعالي الأمورِ؛ لتكونَ الدُّنيا في أيْديهم وليْس في قُلوبِهم، ويكونَ ما حَصَّلوه منها عوْنًا لهم على الطَّاعةِ.

وفي هذا الحديثِ إرشادٌ مِنَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لِأُمَّتِه إلى أنَّ طلَبَ الزِّيادةِ على الكَفافِ لا يَنبغِي أنْ يُتعِبَ الإنسانُ نفْسَه في طَلَبِه؛ لأنَّ المحمودَ مِنَ الرِّزقِ ما حَصَلَتْ به القُوَّةُ على الطَّاعةِ، ويكونُ الاشتِغالُ به على قَدْرِ الحاجَةِ، فأخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّه قدْ حاز الفَلَاحَ وفاز به، مَن أَسْلَمَ إسلامًا صَحيحًا؛ لأنَّه خَلَص مِن الكُفرِ والشِّركِ، وهو الذَّنْبُ الَّذي لا يَغفِرُه الله، ورُزِقَ الكِفايَةَ بلا زِيادةٍ ولا نَقْصٍ، وما يَكُفُّ عن الحاجاتِ ويَدْفَعُ الضَّروراتِ والفَاقَاتِ، والمرادُ به: الرِّزقُ الحلالُ؛ لأنَّه لا فَلاحَ مع رِزقٍ حرامٍ، وقولُه: «وقَنَّعَهُ اللهُ بما آتَاهُ»، أي: رَزَقَه اللهُ القَناعَةَ بما عندَه مِن الكَفافِ، فلم تَطمَحْ نفْسُه لطلَبِ ما زاد على ذلك.

وفي الحديثِ: الفَوْزُ والفَلاحُ لِمَنْ أَسْلَمَ للهِ، ورَضِيَ بما قَسَمه اللهُ له.

 وفيه: فضْلُ القَناعةِ وأنَّها مِن أسبابِ الفَلَاحِ.