‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما 127

مسند احمد

‌‌مسند عبد الله بن عمرو بن العاص  رضي الله عنهما 127

حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله بن عمرو، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماذا يباعدني من غضب الله عز وجل؟ قال: " لا تغضب "

الغَضَبُ نَزْعةٌ شيطانيَّةٌ شِرِّيرةٌ؛ لذلك أوْصَى بها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أصْحابَه؛ ألَّا يَغْضَبوا، وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو رضِيَ اللهُ عنه: "أنَّه سَأَلَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما يُباعِدُني من غَضَبِ اللهِ عزَّ وجلَّ"، أي: ما هو العَمَلُ الذي يَمنَعُ صاحِبَه غَضَبَ اللهِ عزَّ وجلَّ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم:"لا تَغْضَبْ"، والمَعْنى تَجَنَّبْ أسْبابَ الغَضَبِ، ولا تَتعرَّضُ لِما يُجلِبُه، أو معناه لا تَقبَلُ ما يَأْمُرُكَ به الغَضَبُ ويَحْمِلُكَ عليه من الأَقْوالِ والأَفْعالِ، فإنَّ جَميعَ المَفاسِدِ العَمَليَّةِ التي تَعرِضُ لِلإنْسانِ وتَعْتَريهِ، إنَّما تَعرِضُ له من فَرْطِ شَهْوَتِه واستيلاءِ غَضَبِه، فلما سَأَلَه أنْ يُشيرَ إليه بما يُتوسَّلُ به إلى تجنُّبِ الوُقوعِ في غَضَبِ اللهِ، نَهاه عن الغَضَبِ الداعي إلى ما يُوقِعُ تحتَ غَضَبِ اللهِ، فجَمَعَ له صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذه الكَلِمَةِ حِكْمَةً عَظيمَةً، وربَّما قال له ذلك؛ لأنَّه عَرَفَ أنَّ الغَضَبَ أعْظَمُ أسْبابِ المعاصي عندَه؛ لأنَّه رُبَّما يَأْتي السائِلُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسأَلُه عن أفْضَلِ الأعْمالِ؛ فيُجيبُه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بما يَتَناسَبُ مع حالِ السائِلِ، وليستِ الأَفْضليَّةُ على الإِطْلاقِ.