مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما87
مسند احمد
حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا سعيد، حدثني كعب بن علقمة، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: ذكر الصلاة يوما فقال: " من حافظ عليها؟ كانت له نورا، وبرهانا، ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور، ولا برهان، ولا نجاة (1) ، وكان يوم القيامة مع قارون، وفرعون، وهامان، وأبي بن خلف " (1)
كانَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّ الصَّلاةَ، ويُعظِّمُ أمْرَها، ويُوصِي بها، ويُبيِّنُ فَضلَها ومَكانَتَها العاليَةَ. وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عَمرٍو رضِيَ اللهُ عنهما، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "أنَّه ذَكَرَ الصَّلاةَ يَومًا"، يعني: أرادَ أنْ يَذكُرَ فَضلَها وشَرَفَها، "فقال: مَن حافَظَ عليها"، يعني: أدَّاها وداوَمَ عليها، ولم يَفتُرْ عنها، "كانتْ له نورًا"، أي: إنَّ الصَّلاةَ نَفْسَها تُضيءُ لصاحِبِها في ظُلُماتِ المَوقِفِ بين يَدَيهِ، وقيل: بسَبَبِها يَعلو النورُ وَجهَ المُؤمِنِ، وقيل: النورُ معنويٌّ؛ لأنَّها تَنهى عن الفَحشاءِ والمُنكَرِ وتَهدي إلى الصَّوابِ، فتَصُدُّ عن المَهالِكِ، وتُوصِلُ إلى طَريقِ السَّلامَةِ، كما يُستَضاءُ بالنورِ، ويُمكِنُ حَملُ النُّورِ على جَميعِ ما سَبَقَ، "وبُرهانًا"، أي: حُجَّةً واضحةً، "ونَجاةً إلى يَومِ القيامَةِ"، يعني: تُنجِّيهِ من العَذابِ يَومَ القيامَةِ، "ومَن لم يُحافِظْ عليها" فقصَّر في أدائِها، ولم يُداوِمْ عليها، وأهمَلَها وتَرَكَها، "لم يكن له نورٌ، ولا بُرهانٌ، ولا نَجاةٌ، وكان يَومَ القِيامَةِ" مَحشورًا، أو مَحبوسًا، أو مُعذَّبًا "مع فِرعَونَ، وهامانَ" وَزيرِ فِرعَونَ، "وأُبَيِّ بنِ خَلَفٍ" عَدُوِّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الذي قَتَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدِه يَومَ أُحُدٍ، وهو مُشرِكٌ، وفيه تَعريضٌ بأنَّ مَن حافَظَ عليها كان مع النَّبيِّينَ والصِّدِّيقينَ، والشُّهَداءِ والصَّالِحينَ.
وفي الحديثِ: تَغليظٌ شَديدٌ، وتَهديدٌ عَظيمٌ لتارِكِ المُحافَظَةِ على الصَّلاةِ.