مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه 666
مسند احمد
حدثنا عبيدة يعني ابن حميد، عن منصور، عن أبي وائل، قال: كان عبد الله يذكر كل خميس أو اثنين الأيام، قال: فقلنا: أو فقيل: يا أبا عبد الرحمن: إنا لنحب حديثك، ونشتهيه، ووددنا أنك تذكرنا كل يوم، فقال عبد الله: «إنه لا يمنعني من ذاك إلا أني أكره أن أملكم، وإني لأتخولكم بالموعظة، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتخولنا»
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحسنَ الناسِ تَعليمًا وتربيةً لأصحابِه؛ فكان يُعلِّمُهم بالقولِ والفِعلِ، وقد نقَلَ الصَّحابةُ الكِرامُ هَدْيَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الموعظةِ
وفي هذا الحديثِ يَحكي عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان مِن شِدَّةِ حِرصِه على انتفاعِ أصحابِه واستفادتِهم مِن وَعْظِه وإرشادِه؛ أنَّه لم يكُنْ يُكثِرُ عليهم مِن ذلك، وإنَّما يَتعهَّدُهم بالمَوعظةِ في بعضِ الأيَّامِ دونَ بعضٍ، ويَتحرَّى الأوقاتَ المناسبةَ، الَّتي هي مَظنَّةُ استعدادِهم النَّفسيِّ لها، وإنَّما كان يَقتصِرُ على الوقتِ المناسبِ خَوفًا على نُفوسِهم مِن الضَّجَرِ والملَلِ، الَّذي يُؤدِّي إلى استثقالِ المَوعظةِ وكَراهتِها ونُفورِها، فلا تَحصُلُ الفائدةُ المَرجوَّةُ
وفي الحديثِ: بيانُ رِفقِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعَظيمِ شَفقتِه بأُمَّتِه؛ ليَأخُذوا الأعمالَ بنَشاطٍ وحِرصٍ عليها، لا عن ضَجَرٍ ومَلَلٍ