مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه 32
حدثنا عبد الصمد، حدثني أبي، حدثنا الحسين - يعني المعلم - عن يحيى - يعني ابن أبي كثير - أخبرني أبو سلمة، أن عطاء بن يسار أخبره أن زيد بن خالد الجهني أخبره: أنه سأل عثمان بن عفان، قلت: أرأيت إذا جامع امرأته ولم يمن؟ فقال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ويغسل ذكره. وقال عثمان: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسألت عن ذلك علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وأبي بن كعب، فأمروه بذلك (1)
الجَنابةُ هي الحَدَثُ الأكبرُ؛ إمَّا بِجِماعٍ، أو نُزولٍ لِمَنِيٍّ، وهي تُجهِدُ الجِسمَ كلَّه، وقد أمَرَ الشَّرعُ بالاغتِسالِ منها تَنشيطًا للجَسَدِ، وتَنظيفًا له، وإتمامًا للطَّهارةِ،
وفي هذا الحديثِ أنَّ زَيدَ بنَ خالِدٍ -وهو أحدُ التَّابعينَ- سَألَ عُثْمانَ بنَ عَفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه: هلْ هناك غُسْلٌ على مَنْ جامَعَ زَوجتَه ثُمَّ قام عنها دونَ أنْ يُنْزِلَ مَنِيًّا؟ فقال عُثْمانُ رَضيَ اللهُ عنه: يَتوضَّأُ كما يَتوضَّأ للصَّلاةِ، ويَغْسِلُ ذَكَرَهُ، مُفيدًا بذلك أنَّه ليس عليه غُسْلٌ، ثُمَّ أكَّدَ عُثْمانُ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه سَمِعَ ذلك مِن رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ، فسَأَلَ زَيْدٌ عن جِماعِ الرَّجُلِ لزَوجتِه دونَ إنْزالٍ، عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ، والزُّبَيْرَ بنَ العَوَّامِ، وطَلْحةَ بنَ عُبَيدِ اللهِ، وأبُيَّ بنَ كَعْبٍ رَضيَ اللهُ عنهم، فأَمَروه بالَّذي أَمَرَهُ به عُثْمانُ، وهو الوُضوءُ دونَ الغُسْلِ.وهذا الحُكمُ الذي في هذا الحَديثِ كان في أوَّلِ الإسلامِ، ثم نُسِخَ بما في الصَّحيحَينِ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «إذا جَلَس بيْن شُعَبِها الأَربعِ، ثمَّ جَهَدَها»، وهذا كِنايةٌ عن مُجرَّد الجِماعِ؛ «فقدْ وجَبَ الغُسلُ»، فالغُسلُ على كلِّ مَن جامَعَ امرأتَه أَنْزلَ مَنيًّا أو لم يُنزِلْ، هو الحُكمُ الذي استقرَّ عليه العَملُ في عَهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبَعدَه، وقد ثَبَتَ عن جَميعِ هؤلاء الصَّحابةِ المذكورينَ أنَّهم أفْتَوا بالغُسلِ لا الوُضوءِ، حتَّى حَصَلَ إجماعُ الأُمَّةِ على وُجوبِ الغُسلِ على مَن غيَّبَ ذَكَرَه في الفَرْجِ وإنْ لم يُنزِلْ مَنِيًّا.