مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه 42
حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد (ح) وسريج (2) وحسين، قالا: حدثنا ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عامر بن سعد - قال حسين: ابن أبي وقاص - قال:
سمعت عثمان بن عفان يقول: ما يمنعني أن أحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون أوعى أصحابه عنه، ولكني أشهد لسمعته يقول: " من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار " (3)
الكَذِبُ عمومًا عاقِبتُه وَخيمةٌ، والكَذبُ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عاقِبتُه وعقوبتُه أشدُّ مِن الكذِبِ على غيرِه؛ لِمَا يَترتَّبُ على ذلِك مِن مَفاسدَ في الدِّينِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عُقبةُ بنُ عامرٍ رضِيَ اللهُ عنه عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن كَذَبَ عليَّ مُتَعَمِّدًا فلْيَتَبَوَّأْ مَقعدَهُ مِن النَّارِ"، أي: إنَّ لِلكاذِبِ المُتعمِّدِ والقاصدِ ذلك على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الآخرةِ مجلِسًا في النَّارِ؛ جَزاءً له على كَذِبِه عليه، وذلك لا يُحْمَلُ على الخُلودِ في النَّارِ إلَّا لِمَن استحَلَّ ذلك؛ لأنَّ المُوحِّدَ يُجازَى على عمَلِه، أو يُعْفَى عنه، وإنْ أُدْخِلَ النَّارَ فإنَّه لا يُخَلَّدُ فيها، بلْ يُعَذَّبُ على قَدْرِ عمَلِه، ثمَّ يُدْخِلُه اللهُ الجنَّةَ برَحمتِهِ، ولعلَّه قدَّمَ ذِكْرَ مَعرفتِه بعاقبةِ الكذِبِ على النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ تَمهيدًا لذِكْرِ ما بعدَ ذلك في شأْنِ الحريرِ.
ثمَّ قال عُقبةُ رضِيَ اللهُ عنه: "وأشهَدُ أنِّي سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول: مَن لَبِسَ الحريرَ في الدُّنيا؛ حُرِمَه أنْ يَلبَسَه في الآخرةِ"، أي: إنَّ مَن لَبِسَ الحريرَ الخالِصَ في الدُّنيا مِنَ الرِّجالِ لِغيرِ عُذرٍ، حُرِمَ منه يومَ القِيامةِ؛ إمَّا لِحرمانهِ مِن الجنَّةِ أصلًا إنْ كان مُستحِلًّا لذلك، وإمَّا لحِرمانِه منه إذا أُدْخِلَ الجَنَّةَ؛ فإنَّه يُحْرَمُ منه فيها.
في الحديثِ: النَّهيُ عن لُبْسِ الحريرِ للرِّجالِ.
وفيه: أنَّ الجَزاءَ مِن جِنسِ العَمَلِ.