مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 26
حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا ابن عياش، عن أبي سبأ عتبة بن تميم، عن الوليد بن عامر اليزني، عن عروة بن مغيث (3) الأنصاري عن عمر بن الخطاب، قال: قضى النبي صلى الله عليه وسلم أن صاحب الدابة أحق بصدرها (1)
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُرسِّخُ المَبادِئَ الصَّحيحةَ الحسَنةَ والأُمورَ الحياتيَّةَ المنضبطةَ؛ حتَّى يَحفَظَ النَّاسُ لِبَعضِهِم حقَّ بَعضٍ، وكيفَ يَجمَعُ الإنسانُ بيْنَ حقِّ التَّملُّكِ وحقِّ الأدَبِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
"صاحِبُ الدَّابَّةِ" مالِكًا كان أو مُستأجِرًا لها،
والمُرادُ بالدَّابَّةِ: كُلُّ مَرْكوبٍ كالفَرَسِ والإبِلِ،
وفي حُكمِها في عَصرِنا الحَديثِ: السَّيَّاراتُ ونَحوُها، "أحَقُّ بصَدرِها" وهو ما يَلي العُنُقَ،
والمُرادُ: أنَّه يَجلِسُ في الأمامِ إنْ كان معه غَيرُهُ، ويَركَبُ الآخَرُ في المُؤخِّرةِ؛
فلا يَركَبُ غَيرُهُ معه عليها إلَّا خَلفَهُ،
"إلَّا مَن أذِنَ" إلَّا أنْ يَأذَنَ صاحِبُها لِمَن معه أنْ يتقدَّمَ عليه، ويَجلِسَ أمامَهُ على الدَّابَّةِ أو بجِوارِهِ في السَّيَّارةِ ونَحوِها، فله ذلِكَ. وقيلَ: إنَّما كانَ الرَّجُلُ أحقَّ بصَدرِ دابَّتِهِ؛
لأنَّه شَرَفٌ، والشَّرَفُ حقُّ المالِكِ؛ ولأنَّه يُصرِّفُها في المَشْيِ حيثُ شاءَ،
وعلى أيِّ وَجهٍ أرادَ مِن إسْراعٍ وإبْطاءٍ وطُولٍ وقِصَرٍ بخِلافِ غَيرِ المالِكِ؛
ولذلِكَ فليس لِغَيرِ صاحِبِها التَّصدُّرُ إلَّا بإذْنِهِ.