مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 115
حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن عثمان الثقفي، عن سالم بن أبي الجعد، عن علي، قال: " نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزي حمارا على فرس " (1)
حرَصَ الصحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم على نقْلِ سُنَّةِ رسولِ اللهِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لِمَن بَعدَهم، وكذلك حرَصَ التابِعون رحِمَهم اللهُ على أخْذِ العِلمِ عن الصَّحابةِ،
وفي هذا الحديثِ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُبَيْدِ الله بنِ عَبَّاسٍ دخَل هو وشَبابٌ مِن بَنِي هاشِمٍ على عَمِّهِ عبدِ الله بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما، يَقُولُ عبدُ الله:
"فقُلنا لشابٍّ مِنَّا: سَلِ ابنَ عَبَّاسٍ أكان رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم يقرأُ فِي الظُّهرِ والعَصرِ؟"، أي: هل كَانَ يقرأُ أيَّ شَيْءٍ مِن القُرْآنِ بَعْدَ الفاتِحَةِ فِي قيامِه لصلاةِ الظُّهرِ أو العَصرِ؟ فأجابهم ابنُ عَبَّاسٍ بقولِه: "لَا لَا"، أي: مؤكِّدًا عَدَمَ قراءتِه، فقيل لَهُ: "فلعلَّه كَانَ يقرأُ فِي نفسِه" وَهذا إشارة إِلَى مُراجَعَتِهم لابنِ عَبَّاسٍ فِي إجابَتِه بلا، فَقَالَ: "خَمْشًا"، أي: دعا عَلَيْهِ بأن يُخمَشَ وجهُه أو جِلدُه، أي: يُقشَرَ، "هَذِه شَرٌّ مِنَ الأُولَى"، أي: سؤالُه الثانِي شَرٌّ مِنَ الأوَّلِ؛ لِتَضَمُّنِه اتِّهامًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم بالكِتمَانِ.
ثُمَّ قَالَ لهم ابنُ عَبَّاسٍ: "كَانَ"، أي: رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم "عَبْدًا مأمورًا، بلَّغ ما أُرسِلَ به، وَمَا اختَصَّنا"، أي: أهلَ البَيتِ، يُرِيدُ به نفسَه وسائِرَ أهلِ بيتِ النُّبُوَّةِ "دونَ النَّاسِ بشيءٍ"، أي: بأحكامٍ شرعيَّةٍ "إِلَّا بِثَلاثِ خِصالٍ"، أي: أوَامِرَ؛ الأوَّلُ: "أمَرَنا أن نُسبِغَ الوُضُوءَ"، أي: نُتِمَّه بإعطاءِ كلِّ عُضوٍ حقَّه مِن الماءِ، والثَّانِي: "ألَّا نَأكُلَ"، أي: نَأخُذَ "الصَّدَقَةَ"، والثَّالِثُ: "ألَّا نُنْزِيَ الحِمارَ على الفَرَسِ"، أي: حَمْل ذَكَرِ الحِمارِ على أُنثَى الفَرَسِ وذلك لإنتاجِ البِغَالِ، فنُهُوا عن ذَلِكَ.
قِيلَ: هذا وَهْمٌ مِن ابنِ عَبَّاسٍ فِي قِرَاءَةِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم؛ فقَدْ ثَبَت عنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّم أَنَّهُ كَانَ يَقرَأُ فِي الظُّهرِ والعَصرِ مِن طُرُقٍ كثيرةٍ.