مسند أبي هريرة رضي الله عنه 637

مسند احمد

مسند أبي هريرة رضي الله عنه 637

حدثنا إبراهيم بن خالد، حدثنا رباح، عن معمر، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان يفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة»

بيوتُ المسلِمينَ يَنبَغي أنْ تُحصَّنَ منَ الشَّيطانِ، وأنْ تُملأَ بالنُّورِ والبَرَكةِ، ويكونَ ذلك بعَملِ الطَّاعاتِ فيها من ذِكرٍ وصَلاةٍ ودُعاءٍ وقِراءةِ القُرآنِ وغَيرِ ذلك، وقِراءةُ القُرآنِ فيها الخَيرُ والبَرَكةُ للمَكانِ الَّذي يُقرَأُ فيهِ؛ فهو حَبْلُ اللهِ المَوصُولُ، وفيهِ طُمَأنينةُ النَّفْسِ، وطَردٌ للشَّياطِينِ مِنَ البُيوتِ الَّتي يُقرَأُ فيها، وخاصَّةً سُورةَ البقَرةِ
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لا تَجعَلُوا بُيوتَكُم مَقابِرَ»، أي: لا تَجعَلوها شَبيهةً بالمَقابِرِ خاليةً عنِ الذِّكرِ والطَّاعةِ، واجْعَلوا لها نَصيبًا من قِراءةِ القُرآنِ والصَّلاةِ، كما جاء في الصَّحيحَينِ عنِ ابنِ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «اجْعَلوا في بُيوتِكم من صَلاتِكم، ولا تَتَّخِذوها قُبورًا»
ثُمَّ بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الشَّيطانَ يفِرُّ ويَبتعِدُ مِنَ البَيتِ الَّذي تُقرَأُ فيهِ سُورَةُ البقَرةِ؛ لأنَّه يئِسَ من إغْواءِ أهْلِه ببَرَكةِ هذه السُّورةِ، أو لمَا يَرى من جِدِّهم في الدِّينِ، واجْتِهادِهم في العِبادةِ، فالبَيتُ الَّذي يُقرأُ فيه القُرآنُ بوَجهٍ عامٍّ يتَّسِعُ على أهْلِه، ويَكثُرُ خَيرُه، وتَحضُرُه الملائكةُ، وتُدحَضُ عنه الشَّياطينُ، وإنَّ البَيتَ الَّذي لا يُقرأُ فيه القُرآنُ يَضيقُ على أهْلِه، ويقِلُّ خَيرُه، وتَنفِرُ منه الملائكةُ، وتحضُرُ فيه الشَّياطينُ
والحَديثُ يدُلُّ على فَضيلةِ سورةِ البَقرةِ، وتَقْديمِها على غَيرِها، وإنَّها لَكذلكَ؛ فقدْ جمَعَتْ من أحْكامِ الشَّرعِ ما لم تَجمَعْه سورةٌ في القُرآنِ، فهي مُشتمِلةٌ على صِفاتِ المؤمِنينَ، وصِفاتِ المنافِقينَ، وشَرحِ قِصصِ بَني إسْرائيلَ، والزَّجرِ عنِ السِّحرِ والرِّبا، وذِكرِ القِبلةِ والصَّلاةِ والصَّومِ والحَجِّ والعُمرةِ، والطَّلاقِ والعِدَدِ، والدُّيونِ والشُّروطِ، والرَّهنِ والقِصاصِ، وغَيرِ ذلك منَ الأحْكامِ
وفي الحَديثِ: الحثُّ على قِراءةِ القُرآنِ، وكَثْرةِ الذِّكرِ في البُيوتِ
وفيه: تَوجيهُ النَّاسِ إلى أنَّ القُرآنَ والذِّكرَ يُحْيي البُيوتَ والقُلوبَ ويُعمِّرُها