‌‌مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 185

‌‌مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه  185

حدثنا علي بن إسحاق، أخبرنا عبد الله يعني ابن المبارك، أخبرنا عمر بن سعيد بن أبي حسين، عن ابن أبي مليكة، أنه سمع ابن عباس يقول: وضع عمر بن الخطاب على سريره، فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع، وأنا فيهم، فلم يرعني إلا رجل قد أخذ بمنكبي من ورائي، فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب، فترحم على عمر، فقال: ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله تعالى بمثل عمله منك، وايم الله إن كنت لاظن ليجعلنك الله مع صاحبيك، وذلك أني كنت أكثر أن أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: " فذهبت أنا وأبو بكر، وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر، وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر، وعمر " وإن كنت لاظن ليجعلنك الله معهما (2)

 قَوْلُهُ "عَلَى سَرِيرِهِ" : قِيلَ: لِلْغُسْلِ بَعْدَ الْمَوْتِ.

قُلْتُ: أَوْ لِلْحَمْلِ إِلَى الْقَبْرِ، وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِقَوْلِهِ: قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ.

"فَتَكَنَّفَهُ" : أَحَاطَهُ.

 "وَيُصَلُّونَ" : أَيْ: يَتَرَحَّمُونَ عَلَيْهِ، وَيُحْتَمَلُ عَلَى بُعْدٍ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ.

 "فَلَمْ يَرُعْنِي" : مِنَ الرَّوْعِ.

 "مَا خَلَّفْتَ" : مِنَ التَّخْلِيفِ، وَالْخَطَابُ لِعُمَرَ.

 "مَعَ صَاحِبَيْكَ"  أَيْ: مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ فِي الْمَدْفِنِ، وَقِيلَ: فِي عَالَمِ الْقُدْسِ.

 "أُكْثِرُ أَنْ أَسْمَعَ"  أُكْثِرُ - بِالرَّفْعِ - عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ مِنْ قَبِيلِ أَخْطَبُ مَا يَكُونُ الْأَمِيرُ، وَبِالْجُمْلَةِ خَبَرُ كُنْتُ; وَلَفْظُ أُكْثِرُ لَا يَصْلُحُ لِوُقُوعِهِ خَبَرًا لِكُنْتُ; إِذْ لَا يُوصَفُ الشَّخْصُ بِأَنَّهُ أَكْثَرَ سَمَاعَهُ.

"فَذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ. . . إِلَخْ" : بِتَأْكِيدِ الْمَرْفُوعِ الْمُتَّصِلِ بِالْمُنْفَصِلِ; لِيَصِحَّ الْعَطْفُ، وَهَكَذَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ، وَفِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ" بِلَا تَأْكِيدٍ، مَا عَدَا رِوَايَةَ الْأَصِيلِيِّ، فَفِيهَا بِالتَّأْكِيدِ، فَزَعَمَ ابْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ حُجَّةٌ عَلَى

 النُّحَاةِ فِي وُجُوبِ التَّأْكِيدِ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الرُّوَاةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْكِتَابِ، وَرِوَايَةُ ابْنِ مَاجَهْ، وَرِوَايَةُ الْأَصِيلِيِّ فِي "الصَّحِيحِ"، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

ثُمَّ رَأَيْتُ السُّيُوطِيَّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا.