مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 25
حدثنا سفيان، عن مطرف، عن الشعبي، عن أبي جحيفة، قال: سألنا عليا: هل عندكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء بعد القرآن؟ قال: لا والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إلا فهم يؤتيه الله عز وجل رجلا في القرآن، أو ما في الصحيفة. قلت: وما في الصحيفة؟ قال: " العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر "
قَوْلُهُ: "قَالَ: سَأَلْنَا عَلِيًّا. . . إِلَخْ" : كَانَتِ الشِّيعَةُ يَزْعُمُونَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَصَّهُ بِعُلُومٍ دُونَ سَائِرِ الصَّحَابَةِ، وَأَيْضًا كَانَ مُظْهِرًا لِعُلُومٍ عَجِيبَةٍ، فَكَانَ يُتَوَهَّمُ ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ سَأَلَهُ.
"عِنْدَكُمْ" : أَيْ: أَهْلُ الْبَيْتِ.
"شَيْءٌ" : أَيْ: مَخْصُوصٌ بِكُمْ.
"بَعْدَ الْقُرْآنِ" : أَيْ: سِوَى الْقُرْآنِ، وَمَا فِي حُكْمِهِ مِنَ الْعُلُومِ الْعَامَّةِ الَّتِي يَخُصُّ بِهَا أَحَدًا دُونَ أَحَدٍ.
"إِلَّا فَهْمًا" : اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ; أَيْ: لَكِنْ عِنْدَنَا فَهْمٌ فِي الْقُرْآنِ صَارَ سَبَبًا لِظُهُورِ الْعَجَائِبِ الَّتِي تَظْهَرُ مِنَّا.
"أَوْ مَا فِي الصَّحِيفَةِ" : أَيْ: وَكَذَا عِنْدَنَا مَا فِي الصَّحِيفَةِ الَّذِي هُوَ مِنَ الْعُلُومِ الْعَامَّةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مَعْنَى هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ أَيْ: مَكْتُوبٌ مِنَ الْعُلُومِ سِوَى الْقُرْآنِ، وَمَعْنَى "إِلَّا فَهْمًا" أَيْ: إِلَّا آثَارَ فَهْمٍ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَتَبَ بَعْضَ نَتَائِجِ فَهْمِهِ الصَّائِبِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ، وَلَكِنْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَنْبَغِي رَفْعُ "فَهْمٍ" كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ.
"الْعَقْلُ" : بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ - ; أَيِ: الدِّيَةُ.
"وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ" : - بِفَتْحِ الْفَاءِ أَوْ كَسْرِهَا - ; أَيْ: بَيَانُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُفَكَّ الْأَسِيرُ.
"بِكَافِرٍ" : ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ، وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهِ، يَخُصُّهُ بِغَيْرِ الذِّمِّيِّ، فَلَا يُقْتَلُ بِقَتْلِ الْمُسْتَأْمَنِ عِنْدَهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.