مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه 78
حدثنا هاشم، وحسن، قالا: حدثنا شيبان، عن عاصم، عن زر بن حبيش، قال: استأذن ابن جرموز على علي فقال: من هذا؟ قالوا: ابن جرموز يستأذن. قال: ائذنوا له، ليدخل قاتل الزبير النار، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن لكل نبي حواريا، وإن حواري الزبير " (3)
كانت غَزوةُ الخَندقِ مِن أشَدِّ الغَزَواتِ التي مَرَّتْ على المُسلِمينَ؛ فقدِ اجتَمَعتْ قُرَيشٌ وغَيرُها مِن قَبائلِ الكُفرِ على المُسلِمينَ، ونَقَضتْ فيها بَنو قُرَيظةَ مِن يَهودِ المَدينةِ عَهدَهم مع المُسلِمينَ، وتَحالَفوا مع الأحزابِ مِنَ المُشرِكينَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ جابِرُ بنُ عَبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما عن جانِبٍ مِن بُطولاتِ أصحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وثَباتِهم، ففي ظِلِّ هذا المَوقِفِ العَصيبِ مِن تَجَمُّعِ الأحزابِ، وخِيانةِ يَهودِ بَني قُرَيظةَ، نادَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في المُسلِمينَ، فقال: «مَن يأتيني بخَبَرِ القَومِ؟» يَقصِدُ بَني قُرَيظةَ، كما وَرَدَ عِندَ أحمَدَ، وإلَّا فإنَّ الذي ذَهَبَ وخَرَجَ لِيأتيَ بخَبَرِ قُرَيشٍ كان حُذَيفةَ بنَ اليَمانِ رَضيَ اللهُ عنه، كما في صَحيحِ مُسلِمٍ، فقال الزُّبَيرُ بنُ العَوَّامِ رَضيَ اللهُ عنه: «أنا». ثمَّ كَرَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النِّداءَ مَرَّةً ثانيةً، فكَرَّرَ الزُّبَيرُ بنُ العَوَّامِ رَضيَ اللهُ عنه الاستِجابةَ لِلنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَرَّةً أُخرى، وعِندَ تَكرُّرِ استِجابةِ الزُّبَيرِ رَضيَ اللهُ عنه قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إنَّ لِكُلِّ نَبيٍّ حَوَارِيًّا، وحَوَارِيَّ الزُّبَيرُ»، والحَواريُّ: هو النَّاصِرُ، ومنه الحَواريُّونَ أصحابُ عِيسى عليه السَّلامُ، وقيلَ: إنَّهم سُمُّوا بذلك؛ لِأنَّهم كانوا يَغسِلونَ الثِّيابَ فيُحوِّرُونَها، أي: يُبَيِّضونَها.
وفي الحَديثِ: بَيانُ فَضلِ الزُّبَيرِ بنِ العَوَّامِ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: إرسالُ مَن يتحَسَّسُ العَدُوَّ لِصالِحِ المُسلِمينَ.