مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه 61
حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، قال:
جاء رجل إلى عمر وهو بعرفة - قال أبو معاوية (4) : وحدثنا الأعمش، عن خيثمة، عن قيس بن مروان، أنه أتى عمر - فقال: جئت يا أمير المؤمنين من الكوفة، وتركت بها رجلا يملي المصاحف عن ظهر قلبه، فغضب وانتفخ حتى كاد يملأ ما بين شعبتي الرحل (1) ، فقال: ومن هو ويحك؟ قال: عبد الله بن مسعود. فما زال يطفأ ويسرى عنه الغضب، حتى عاد إلى حاله التي كان عليها.
ثم قال: ويحك، والله ما أعلمه بقي من الناس أحد هو أحق بذلك منه، وسأحدثك عن ذلك، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال يسمر عند أبي بكر الليلة كذاك (2) في الأمر من أمر المسلمين، وإنه سمر عنده ذات ليلة، وأنا معه، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرجنا معه، فإذا رجل قائم يصلي في المسجد، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع قراءته، فلما كدنا أن نعرفه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ". قال: ثم جلس الرجل يدعو، فجعل (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: " سل تعطه، سل تعطه "، قال عمر: قلت: والله لأغدون إليه فلأبشرنه، قال: فغدوت إليه لأبشره فوجدت أبا بكر قد سبقني إليه فبشره، ولا والله ما سابقته (4) إلى خير قط إلا سبقني إليه (5)
قَوْلُهُ "يُمْلِي" : - بِضَمِّ الْيَاءِ - مِنَ الْإِمْلَاءِ; أَيْ: يُلْقِي عَلَى الْكَاتِبِ.
* "يَمْلَأُ" : - بِفَتْحِ يَاءٍ آخِرُهُ هَمْزَةٌ - .
* "مَا بَيْنَ شُعْبَتَيِ الرَّحْلِ" : الشُّعْبَةُ - بِضَمِّ شِينٍ وَسُكُونِ مُهْمَلَةٍ - : الطَّرَفُ.
* "يَطْفَأُ" : كَيَفْرَحُ; أَيْ: يَذْهَبُ لَهَبُ غَضَبِهِ، وَفِيهِ تَشْبِيهُ الْغَضَبِ بِالنَّارِ،
وَفَاعِلُ يَطْفَأُ: الْغَضَبُ، عَلَى التَّنَازُعِ.
* "وَيُسَيَّرُ" : عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ; مِنْ سَيَّرَ - مُشَدَّدًا أَيْ: يُنْقَلُ عَنْهُ الْغَضَبُ، وَيُبَعَّدُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: "يُسَرَّى"، عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ مُخَفَّفًا أَوْ مُشَدَّدًا; أَيْ: يُزَالُ وَيُكْشَفُ.
* "يَسْمُرُ" : كَيَنْصُرُ; أَيْ: يُحَدِّثُ بِاللَّيْلِ.