من غزا في سبيل الله ولم ينو من غزاته إلا عقالا 2
سنن النسائي
أخبرني هارون بن عبد الله، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أنبأنا حماد بن سلمة، عن جبلة بن عطية، عن يحيى بن الوليد، عن عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من غزا وهو لا يريد إلا عقالا فله ما نوى»
مِن كَمالِ دِينِ المرءِ أن يَجعلَ حياتَه كلَّها للهِ، وأنَّ تحصيلَه مِن العِبادةِ في الدُّنيا لا يكونُ إلَّا طَمعًا فيما عندَ اللهِ في الآخرَةِ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "مَن غزَا في سبيلِ اللهِ"، أي: مَن أراد الخُروجَ إلى الجِهادِ، "ولم يَنوِ إلَّا عِقالًا"، أي: ولم يَقصِدْ من جِهادِه هذا إلَّا الغنيمَةَ، والعِقالُ: هو حَبْلٌ صغيرٌ يُشدُّ به رُكبةُ البعيرِ لئلَّا يَفِرَّ، وهو إشارةٌ إلى قِلَّةِ قصدِ الغازي مِن الغنائِمِ، "فله ما نوى"، أي: ليس له مِن الأجرِ إلَّا ما قَصدَه في جِهادِه، وهذا مُبالغةٌ في قَطْعِ الطَّمعِ عنِ الغَنيمةِ، بل يَنبغي أن يكونَ خالصًا للهِ تَعالى غيرَ مَشوبٍ بأغراضٍ دنيويَّةٍ؛ وإلَّا فقد يَجوزُ قَصدُ الغنيمَةِ لكن لا بِخصوصِ شيءٍ مُعيَّنٍ، وكذلك إنَّ الرِّياءَ المُخلَطَ لا يُبطِلُ الثَّوابِ
وفي الحديثِ: تَعظيمُ شأنِ الإخلاصِ في الجهادِ، وأنَّ مَن أراد بِجهادِه عَرَضَ الدُّنيا ليس له إلَّا ذلك