من فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأهل سفينتهم رضي الله عنهم

بطاقات دعوية

من فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأهل سفينتهم رضي الله عنهم

حديث أبي موسى وأسماء بنت عميس عن أبي موسى رضي الله عنه، قال: بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن باليمن فخرجنا مهاجرين إليه، أنا وأخوان لي، أنا أصغرهم، أحدهما أبو بردة، والآخر أبو رهم في ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلا من قومي فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي، بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم، حين افتتح خيبر [ص:172] وكان أناس من الناس يقولون لنا: (يعني لأهل السفينة) سبقناكم بالهجرة
ودخلت أسماء بنت عميس، وهي ممن قدم معنا، على حفصة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، زائرة وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر فدخل عمر على حفصة، وأسماء عندها فقال عمر، حين رأى أسماء: من هذه قالت: أسماء بنت عميس قال عمر: الحبشية هذه البحرية هذه قالت أسماء: نعم قال: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، منكم فغضبت، وقالت: كلا والله كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم وكنا في دار، (أو) في أرض البعداء البغضاء بالحبشة وذلك في الله وفي رسوله صلى الله عليه وسلم وايم الله لا أطعم طعاما، ولا أشرب شرابا، حتى أذكر ما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن كنا نؤذى ونخاف، وسأذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، وأسأله والله لا أكذب ولا أزيغ ولا أزيد عليه فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: يا نبي الله إن عمر قال كذا وكذا قال: فما قلت له قالت: قلت له كذا وكذا قال: ليس بأحق بي منكم وله ولأصحابه هجرة واحدة ولكم أنتم، أهل السفينة هجرتان
قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني أرسالا، يسألوني عن هذا الحديث ما من الدنيا شيء هم به أفرح، ولا أعظم في أنفسهم، مما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم
قال أبو بردة (راوي الحديث) قالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني

كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بعض أصحابه بالهجرة إلى الحبشة فرارا بدينهم وبأنفسهم من أذى المشركين في مكة، واختار الحبشة للهجرة إليها؛ لأن ملكها النجاشي كان رجلا عادلا، وكان فيمن هاجر جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان ذلك قبل أن يفرض الله على المسلمين الهجرة إلى المدينة
وفي هذا الحديث يروي أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أنه كان بأرض اليمن، حين سمع بمبعث وهجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأراد الهجرة إليه في المدينة هو وإخوته أبو رهم وأبو بردة، ومعهم ثلاثة وخمسون أو اثنان وخمسون رجلا من قومهم قد أسلموا، فلما ركبوا السفينة من اليمن ليصلوا إلى مكة، ألقتهم عند الحبشة، فقابلوا جعفر بن أبي طالب ومن معه من المسلمين المهاجرين، فظلوا معهم إلى أن قدموا جميعا بعد فتح خيبر سنة سبع من الهجرة، وكانت قرية يسكنها اليهود على بعد (153 كم) من المدينة من جهة الشمال على طريق الشام، فلما قدموا أسهم لهم النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل لهم نصيبا من الغنائم من فتح خيبر، وذلك بعد أن شاور فيهم المسلمين المحاربين فوافقوا، كما بينت رواية البيهقي، ولم يجعل لأحد لم يشهد الغزو شيئا إلا أصحاب السفينة، وهم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ومن كان معه من المهاجرين من مكة، وأبو موسى الأشعري ومن كان معه من قومه والمهاجرين إلى الحبشة
وفي الحديث: بيان منقبة ومنزلة المهاجرين الأوائل -مثل جعفر بن أبي طالب وأبي موسى الأشعري ومن كانوا معهما- بأن لهم هجرتين
وفيه: أن للإمام والحاكم التصرف في أموال المغانم، وأن يخصص جزءا منه لنوائب المسلمين ولمن فقد ماله، كما أعطى أهل السفينة
وفيه: بيان ما عاناه المسلمون الأوائل مع النبي صلى الله عليه وسلم من آلام حتى أوصلوا دعوة الله إلى الناس