﴿من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون﴾ (هود ١٥-١٦)
قال السعدي رحمه الله:
يقول تعالى : {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها} أي: كل إرادته مقصورة على الحياة الدنيا، وعلى زينتها من النساء والبنين، والقناطير المقنطرة، من الذهب، والفضة، والخيل المسومة، والأنعام والحرث. قد صرف رغبته وسعيه وعمله في هذه الأشياء، ولم يجعل لدار القرار من إرادته شيئا، فهذا لا يكون إلا كافرا، لأنه لو كان مؤمنا، لكان ما معه من الإيمان يمنعه أن تكون جميع إرادته للدار الدنيا، بل نفس إيمانه وما تيسر له من الأعمال أثر من آثار إرادته الدار الآخرة.
ولكن هذا الشقي، الذي كأنه خلق للدنيا وحدها
{نوف إليهم أعمالهم فيها} أي: نعطيهم ما قسم لهم في أم الكتاب من ثواب الدنيا.
{وهم فيها لا يبخسون} أي: لا ينقصون شيئا مما قدر لهم، ولكن هذا منتهى نعيمهم.
{أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار} خالدين فيها أبدا، لا يفتر عنهم العذاب، وقد حرموا جزيل الثواب.
{وحبط ما صنعوا فيها} أي: في الدنيا، أي: بطل واضمحل ما عملوه مما يكيدون به الحق وأهله، وما عملوه من أعمال الخير التي لا أساس لها، ولا وجود لشرطها، وهو الإيمان.