هل أوصى النبي صلى الله عليه وسلم 6
سنن النسائي
أخبرني أحمد بن سليمان، قال: حدثنا عارم، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن ابن عون، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس عنده أحد غيري» قالت: «ودعا بالطست»
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زاهدًا في الدُّنيا ومَتاعِها الزَّائلِ، فكان يُنفِقُ ويُعطي النَّاسَ عَطاءَ مَن لا يَخْشى الفقْرَ، فكان خيْرَ قُدوةٍ للنَّاسِ
وفي هذا الحديثِ تُخبِرُ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ماتَ ولم يَترُكْ دِينارًا مِن ذهَبٍ، ولا دِرهمًا مِن فِضَّةٍ، ولا شاةً، ولا بعيرًا، بلْ أنفَقَ كلَّ ما عندَه مِن المالِ، وما تَرَكَ شَيئًا إرثًا، ولا أَوْصَى بِشيءٍ قَبْلَ موتِه: تُريدُ وصيَّةَ المالِ خَاصَّةً؛ لأنَّ الإنسانَ إنَّما يُوصِي في مالٍ سبيلُه أنْ يَكونَ مَورُوثًا، وهو صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يَترُكْ شيئًا يُورَثُ فَيُوصِي فيه، وإنَّما أوْصى بالكتابِ والسُّنَّةِ كما وَرَد في الحديثِ المتَّفَقِ عليه، وفي الصَّحيحينِ أيضًا أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «لا نُورَثُ؛ ما تَركْناه صَدَقةٌ»
وقدْ وَرَد عندَ البُخاريِّ مِن حَديثِ عَمرِو بنِ حُرَيثٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما تَرَكَ «إلَّا بَغْلتَهُ البَيْضاءَ الَّتي كانَ يَرْكَبُها، وسِلاحَهُ، وأرْضًا جَعَلَها لابنِ السَّبيلِ صَدَقةً»، وهي نِصفُ فَدَكَ، وثُلُثُ أرضِ وادي القُرى، وسَهمُه مِن خُمُسِ خَيْبرَ، ونَصيبُه مِن أرضِ بَني النَّضيرِ. وقدْ ترَكَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أشْياءَ أُخْرى، مِثلَ أثْوابِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وأمْتِعةِ البيتِ، وقدْ سكَتَ الرَّاوي عن ذِكرِها؛ لكَونِها مُحَقَّرةً بالنِّسبةِ للمَذْكوراتِ
وفي الحديثِ: ترْكُ الوصيَّةِ لِمَنْ لَيسَ له شيءٌ يُوصِي فيه
وفيه: أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يُوصِ بِشيءٍ مِن أُمورِ الدُّنيا