التشديد في لبس الحرير 4
سنن النسائي
أخبرنا سليمان بن سلم، قال: أنبأنا النضر، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن بكر بن عبد الله، وبشر بن المحتفز، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما يلبس الحرير من، لا خلاق له»
نظَّمَ الشَّرعُ الكريمُ أُمورَ النَّاسِ في كلِّ شَيءٍ، ومِن ذلكَ تَنظيمُه لِأُمورِ المَلْبَسِ؛ فبيَّن ما يَحِلُّ وما لا يَحِلُّ لُبسُه، ففصَّلَ فيما يَجتمِعُ ويَفترَّقُ فيه النِّساءُ والرِّجالُ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن لَبِسَ الحَريرَ الخالِصَ في الدُّنيا لِغيرِ عُذرٍ، حُرِمَ منه يَومَ القيامةِ، وهذا فيه تَحذيرٌ شَديدٌ؛ لأنَّ الحريرَ هو لِباسُ أهلِ الجَنَّة، فكأنَّ مَن لم يَلبَسْه في الآخرةِ فليْس مِن أهلِ الجَنَّةِ؛ إمَّا لِحرمانهِ مِنَ الجنَّةِ إنْ كان مُستحِلًّا لذلك، أو لأنَّه يَدخُلُ الجنَّةَ، ولكنَّه يُحْرَمُ منه فيها.
وتَحريمُ لُبسِ الحريرِ الطَّبيعيِّ مَخصوصٌ بالرِّجالِ دونَ النِّساءِ؛ لِقيامِ دَلائلَ أُخرى ورَدتِ بها الرِّواياتُ الصَّحيحةُ تَدلُّ على جَوازِ لُبْسِ النِّساءِ للحريرِ، وعلى أنَّ الرِّجالَ يُسمَحُ لهم ببَعضِ الحريرِ في الثِّياب بما لا يُجاوِزُ عَرْضُه إصْبَعينِ إلى أربعِ أصابعَ تُتَّخذُ أعْلامًا وحاشيةً للثِّيابِ، كما في الصَّحيحينِ، عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه: «نَهى نَبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن لُبسِ الحريرِ إلَّا مَوضِعَ إصبعينِ، أو ثَلاثٍ، أو أربعٍ»